ومن فوائد هذا الحديث: حرص الصحابة- رضي الله عنهم- على حفظ السنة، فإن هذا الحديث فيه طول، لكن الصحابه - رضي الله عنهم- أحرص الناس على حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
[صفة الاستفتاح ومعانيه]
٢٥٩ - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: "وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض ... إلى قوله: من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ... إلى آخره". رواه مسلم.
- وفي رواية له: "إن ذلك في صلاة الليل".
قوله: " إذا قام إلى الصلاة" ظاهر الحديث: إذا قام قبل أن يكبر فيقول هذا قبل التكبير، لكن في بعض الألفاظ: "وكبر" نقله بعض الشراح عن رواية مسلم ولم أرها فيه يعني: في صحيح مسلم، بل إذا قام إلى الصلاة.
وعلى هذا فنقول: يحتمل أن يكون هذا قبل التكبير أو بعده، فإن كان بعد التكبير فهو أحد الوجوه في صفة الاستفتاح، وإن كان قبله فليس كذلك.
قال: "وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض" وجهت، أي: جعلته وجاهه، والمراد بالوجه هنا: الوجه الحسي والوجه المعنوي.
أما الوجه الحسي: فهو الوجه الذي في الرأس.
وأما الوجه المعنوي: فهو القلب، فيكون المراد: وجهت قلبي ووجهي.
وقوله: "للذي فطر" هذا بيان الجهة التي وجهها إليها وهو الذي فطر السموات والأرض، يعني: الله عز وجل كما قال تعالى: {فاطر السموات والأرض} [فاطر: ١]. قال أهل العلم: والفطر هو فعل الشيء أولًا، فيكون معنى "فطر السموات" أي: خلقها على غير مثال سبق، يعني: هذه أول مرة تخلق السموات والأرض على هذه الصورة، و "السموات والأرض" تقدم الكلام عليها كثيرًا، وبينا السموات سبع بنص القرآن والسنة، وأن الأرضين وهي أيضًا سبع على ظاهر القرآن وصريح السنة.
إلى قوله: "من المسلمين"، قوله من؟ قول الله تعالى، لأن الآية هكذا: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣].
إذن فصوابها إلى قوله: "وأنا أول المسلمين".
قوله: "حنيفًا وما أنا من المشركين" حنيفًا يعني: مائلًا عن الشرك، فالاستقامة في قوله: