ومن فوائد حديث أبي سعيد: أن الصحابة كانوا يخرجون زكاة الفطر من هذه الأجناس الأربعة من غير نظر للفرق بينها في القيمة، فقد يكون صاع التمر بالقيمة يساوي قيمة صاعين من الشعير فيخرج صاعًا، وكذلك نقول في الزبيب والأقط فلا عبرة بالقيمة، العبرة بهذا القدر.
ومن فوائده: البقاء على ظاهر اللفظ دون تدخل العقل لقول أبي سعيد: "أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم"، لأننا لو أن العقل تدخل في هذا الأمر، لقلنا: إذا كان الزبيب أغلى من الشعير لوجب إخراج نصف صاع مثلًا، يعني: إذا كان قيمة الشعير أنقص من قيمة الزبيب بالنصف، لقلنا: إنه يجزئ أن يخرج من الزبيب نصف صاع، وإذا كانت أدنى منها بثلاثة أرباع يخرج ربع صاع وهكذا، ولكن نقول: إنه لا مدخل للعقل وللتفكير في هذا الباب.
[وقت صدقة الفطر وفائدتها]
٥٩٩ - وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه قال:"فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر؛ طهرةً للصَّائم من اللَّغو والرَّفث، وطعمةً للمساكين، فمن أدَّاها قبل الصَّلاة فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعد الصَّلاة فهي صدقةٌ من الصدقات". رواه أبو داود، وابن ماجه، وصححه الحاكم.
نقول في "فرض" كما قلنا في حديث ابن عمر، أي: أوجب على سبيل الإلزام، "طهرة" هذه مفعول من أجله؛ أي: لأجل تطهير الصائم من اللغو والرفث، "اللغو": الكلام الذي لا فائدة منه، والرفث الكلام والفعل الذي يأثم به الإنسان.
* والصائم لا يخلو من إحدى ثلاث حالات:
- إما أن يحفظ صومه فلا يتكلم إلا بما فيه خير ولا يفعل إلا ما فيه خير وهذا أعلى الأقسام.
- وإما أن يأتي بصومه بلغو لا فائدة فيه ولا مضرة فهذا لا إثم عليه لكنه حرم نفسه خيرًا كثيرًا لماذا؟ لأنه كان بإمكانه أن يشغل هذا الشيء الذي جعله لغوًا بما هو خير ومصلحة، فالإنسان الصائم لا يخلو من اللغو والرفث غالبًا هذه الصدقة- صدقة الفطر- طهرة له؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، فتكون هذه الصدقة كفارة لما حصل للصائم من اللغو والرفث وتطهيرًا له.
الفائدة الثانية. "وطعمة للمساكين" يعني: يطعمونها يوم العيد ويأكلون ويشربون مع الناس، ويكون العيد عيدًا للجميع، ولهذا قال العلماء: إن الأفضل من أصناف زكاة الفطر ما كان أسهل مؤنة مثل التمر، التمر إذا أعطيته الفقير أكله مباشرة، ولكن إذا كان التمر ليس بالشيء المفضل عند الفقير، ويفضل عليه الرز مثلًا فإن الرز يكون أولّى.