ومن فوائد الحديث: تحريم ظلم الكفار لأنهم داخلون في عباد الله في العبادة الكونية فظلمهم حرام.
إذا قال قائل: ومن اعتدى عليك فاعتديت عليه أتكون ظالماً؟
نقول: هو ظالم أما أنت فلست بظالم، إذا لم تعتد، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما" أي: على البادئ منهما إثمه ما لم يعتد المظلوم فإن اعتدى صار عدوانه على نفسه.
[الغيبة وتغليظ النهي عنها]
١٤٣٤ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره. قال: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته". أخرجه مسلم.
"أتدرون" أي: أتعلمون، والاستفهام هنا استفهام استعلام يعني: يسألهم لكن المراد به أن ينتبهوا وإلا فالرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أنه لا علم لهم بمثل هذه الأمور الشرعية، أو يعلم أنهم يعلمونها لكن أراد التقرير، ما الغيبة؟
"الغيبة": فِعلة من الغيب وليست كما ينطقه بعض الناس الغيبة بالفتح هذا لحن مخل للمعنى والمراد: الغيبة يعني: الفعلة من الغيب وهي الهيئة، قالوا الله ورسوله أعلم، قال:"ذكرك أخاك بما يكره" هذه كلمات جامعة مانعة، يقول الصحابة: الله ورسوله أعلم: يعني: أعلم منا وهذا الواجب على كل من لا يعلم أن يقول: الله ورسوله أعلم وهنا إشكال في قوله الله ورسوله مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي قال: ما شاء الله وشئت قال: "أجعلتني لله نداً". حيث أتى بالواو، فالجواب أن يقال: الأمور القدرية لابد أن تأتي بما يدل على الترتيب والأمور الشرعية لا تحتاج إلى أن تأتي بما يدل على الترتيب؛ لأن ما شرعه الرسول فهو ما شرعه الله من يطع الرسول فقد أطاع الله، ولهذا قال تعالى في الإثبات الشرعي:{ولو أنهم رضوا ماءتاهم الله ورسوله}[التوبة: ٥٩]. هذا إثبات شرعي لا بأس لكن أمر كوني لا يمكن أن يشرك الله مع غيره بالواو مثل ما شاء الله وشئت وقوله:"الله ورسوله أعلم"، أعلم هل هي اسم تفضيل أو اسم فاعل؟
اسم تفضيل، وهل هي على بابها أو بمعنى عالم؟
نقول: هي على بابها والعجب أن بعض العلماء -عفا الله عنا وعنهم- يفسرون أعلم المضاف إلى الله بعالم، فيقولون في قوله تعالى:{الله أعلم حيث يجعل رسالته}[الأنعام: ١٢٤].