أجزأه ذلك عن تحية المسجد، فإن صلى الجنازة يجزئ أو لا؟ لا يجزئ يعني: لو دخل فوجدهم يصلون على الجنازة فصلى وهو يريد أن يبقى في المسجد فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين، لأن صلاة الجنازة ليست من جنس صلاة الركعتين، ولو دخل في مكة يريد الطواف كفى الطواف أو لا يكفي، الدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم لمَّا دخل المسجد الحرام في الحج ماذا فعل؟ أول ما بدأ به الطواف، والتعليل أن الطائف بعدما ينتهي الطواف سيصلي ركعتين خلف المقام، واعلم أن بعض أهل العلم أطلق أنه يسن لمن دخل المسجد أن يصلي ركعتين ألا المسجد الحرام، لأن تحيته الطواف، وهذا الإطلاق فيه نظر، فيقال المسجد الحرام إن دخلته للطواف فتحيته الطواف، وإن دخلته لغير الطواف كما لو دخلته لتصلي أو لاستماع العلم أو ما أشبه ذلك فإنه كغيره من المساجد تحيته ركعتان.
[صلاة العيد بلا أذان ولا إقامة ولا نفل]
٤٦٧ - وعنه رضي الله عنه:"أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلى العيد بلا أذانٍ ولا إقامةٍ". أخرجه أبو داود. وأصله في البخاريِّ.
خرج وصلى بالناس بدون أذان ولا إقامة ولا شيء.
فيستفاد من هذا الحديث: أنه لا يؤذن لصلاة العيد، ولا يقام لها، ولا يعني ذلك أنها ليست بواجبة، فإنه ليس من شرط الوجوب أن يشرع الأذان والإقامة، فقد تجب الصلاة بدون أذان ولا إقامة كالمنذورة مثلًا، وكركعتي الطواف عند من قال بوجوبهما.
وقوله:"بلا أذان ولا إقامة"، ولم يذكر شيئًا سواهما، فهل يشرع لهما نداء الكسوف؟ الصحيح: لا؛ لأنه لو كان مشروعا لنقل، ولو ثقل لبقي، ولكنه لا يشرع، خلافًا لمن قال من أهل العلم: إنه يشرع أن ينادي لصلاة العيد: "الصلاة جامعة"، وهذا هو المشهور مذهب الحنابلة، لأنهم يرون أنه ينادى للعيدين فيقال:"الصلاة جامعة"، ولكن هذا القول ضعيف، لأنه لم يرد عن النبي - عليه الصلاة والسلام - والأحاديث تنفي ذلك، فالصواب أنه لا ينادى لهما، نعم لو فرض أن ثبوت دخول الشهر جاء متأخرًا فلا حرج أن ينادى في الأسواق بنحو:"أخرجوا إلى المصلى"، وما أشبه ذلك، لأن هذا له سبب إذ إن الناس قد يظنون أنه لمَّا فات الوقت تترك الصلاة وما أشبه ذلك.