للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينهى، فإذا فرغت الصلاة والخطبة فله أن يتنفل في مصلى العيد، ولا حرج عليه، وهذا القول كالذي قبله حيث يقول: إنه ما ورد النهي، والصلاة خير موضوع ومرغب فيها، فإذا لم يرد النهي فالأصل الإباحة، وأما كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ قبلها ولا بعدها فهو أيضًا في الجمعة لم يصلِّ قبلها ولا بعدها، ومع ذلك لا تكرهون للإنسان أن يتطوع في صلاة الجمعة قبل الإمام ولا بعد الصلاة.

وقال بعض أهل العلم: إن تحية المسجد لا بد منها فيصليها، والأفضل أن يقتصر عليها، واستدل بفعل الصحابة - رضي الله عنهم - أنهم كانوا يصلون، قال: "لو كان هذا من الخير لكان الصحابة أسبق الناس إليه، ولكن تحية المسجد ثبتت بدليل آخر، فإذا جاء صلى تحية المسجد ثم جلس، ولأنه ربما إذا شرع في الصلاة يحضر الإمام، وحينئذٍ قد يبطل ما شرع فيه أو تفوته أول صلاة العيد، وهذا القول عندي أحسن الأقوال أنه إذا جاء لا يجلس حتى يصلي ركعتين.

فإن قال قائل: كيف تقولون ذلك وهو مصلى وليس بمسجد؟

قلنا: هذا صحيح، أي: أنه مصلى، ولكن النبي - عليه الصلاة والسلام - جعل له أحكام المسجد، الدليل أنه منع الحائض من دخوله، ولولا أنه مسجد أو في حكم المسجد ما منع النبي - عليه الصلاة والسلام - الحيض أن يدخلنه، فهذا القول هو أعدل الأقوال، أما القول بأنّه يكره للإنسان حتى تحية المسجد وحتى لو كان بعد وقت النهي، فهذا قول لا وجه له، بل وهو ضعيف.

ويستفاد من هذا الحديث: أن صلاة العيد ركعتان لقوله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم العيد ركعتين، لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما".

ويستفاد منه: أن الفريضة تجزئ عن تحية المسجد إذا قلنا بأن صلاة العيدين فرض، بدليل أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يصلِّ تحية المسجد، ومثل ذلك الراتبة فإنها تجزئ عن تحية المسجد مثل لو دخلت لصلاة الفجر، وصليت ركعتي الفجر ولم تصل تحية المسجد أجزأ عنك وهو كذلك.

وقد أخذ العلماء من هذا قاعدة وهي: أنه إذا اجتمع عبادتان من جنس وليس إحداهما مفعولة على وجه القضاء ولا على وجه التبعية للأخرى اكتفي بإحداهما عن الأخرى، واستدلوا بهذا الحديث، فهنا اجتمع عبادتان من جنس وهما الصلاة والتحية، وإحداهما ليست مفعولة. على وجه القضاء، ولا على وجه التبعية للأخرى، لئلًا يقول قائل: إن الفريضة تجزئ عن الراتبة؛ لان الراتبة تبعة للفريضة، فلا يكتفى بها عنها، وعلى هذا فنقول: إذا دخل المسجد وصلى الراتتبة أو الفريضة فلا يكتفى بها عنها، وعلى هذا فنقول: إذا دخل المسجد وصلى الراتبة أو الفريضة

<<  <  ج: ص:  >  >>