للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقائد فإنه أشد وأقبح، كما يوجد الآن في كتب أهل الكلام والفلاسفة؛ ولهذا قال بعضهم: [الطويل]

(نهاية إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال)

(وأرواحنا في وحشةٍ من جسومنا ... وغاية دنيانا أذى ووبال)

(ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقال)

هذا من كبرائهم ويقول هذا الكلام: ما استفدنا إلا قيل وقال! تأتي مثلاً كتب كثيرة كلها قال فلان، وقيل عن فلان، مع أنه يغني عنها قليل من القول.

قال: "وكثرة السؤال" يعني وكره لكم كثرة السؤال، يدخل في هذا سؤال المال وسؤال العلم كما يدخل ذلك في قوله تعالى: {وأما السائل فلا تنهر} [الضحى: ١٠]. فكثرة السؤال حتى فيما يحل لك لا ينبغي مكروهة، أما ما لا يحل فظاهر أنه حرام حتى وإن قل السؤال، لكن كثرة السؤال فيما يحل، كثرة السؤال في العلم أيضًا، لكن كثرة السؤال في العلم فيها تفصيل، أما إذا قصد الإنسان الاستزادة من العلم فهذا مطلوب، والحديث لا يدل على النهي عنه، وأما إذا كان المقصود بذلك الأغلوطات، وإحراج المسئول وإظهار أنه بحاثة فلا شك أنه داخل في الحديث، وأنه من أسباب الخطأ؛ لأن من كثر كلامه كثر خطؤه، ثم إن كثرة السؤال أيضًا تضجر المسئول، وتوجب أن يكون منه نفور من السائل، وهذا ضرر على الطرفين: على السائل والمسئول.

[التشديد في إضاعة المال]

أما الثالث قال: "وإضاعة المال" وهو صرفه في غير فائدة لا دينية ولا دنيوية وذلك لأن الله تعالى جعل المال قيامًا للناس فقال تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا} [النساء: ٥]. قيامًا أي: تقوم به مصالح الدين ومصالح الدنيا، فإذا أضاعه الإنسان فقد صرفه في غير ما جعله الله للناس، وكم من إنسان أغناه الله فأسرف في الإنفاق الكثير وأضاع المال، وإذا هو

<<  <  ج: ص:  >  >>