يصبح فقيرًا معدمًا، فيتمنى أن لم يكن أنفق ولكن هيهات، إذن يحرم إضاعة المال، لكن لاحظوا أن إضاعة المال قريبة من معنى الإسراف؛ لأن الإسراف محرم فبذل المال فيه محرم، لكن الإسراف يختلف قد يعد إسرافا لشخص وغير إسراف لشخص آخر، لو أن الفقير اشترى سيارة فخمة لا يشتريها إلا أكابر الناس وأغنى الناس عد ذلك إسرافًا، ولو أن الغني اشتراها لم يعد إسرافًا كل شيء يحسبه؛ لأن الإسراف تعريفه مجاوزة الحد؛ فإذا قيل: هذا إنسان مجاوز الحد فهو مسرف، صرف المال فيما لا فائدة فيه، لكن فيه تسلية وانشراح للصدر، ولكن ليس لشيء محرمٍ والإنسان مثلاً يسأم من الأعمال الجدية، ويحب أن يرفه عن نفسه بعض الشيء هل يعد هذا إضاعة؟ الجواب: لا، صحيح أن هذا الشيء في حد ذاته ليس مقيدًا لكنه مقصود لغيره من أجل أن يذهب الإنسان عنه السآمة والملل؛ لأن النفس تمل وتتعب تحتاج إلى شيء ينشطها ومن ذلك المنتزهات حيث يخرج كثير من الناس إلى المنتزهات، ومعلوم أن الإنفاق في المنتزهات فيه زيادة إنفاق، لكن فيها راحة وتسلية للنفس وإزالة للمل فيكون هذا من المقصود لغيره، ولا يعد هذا إضاعة للمال، وإن كان هو في حد ذاته ليس مفيدًا لكنه مفيد لغيره.
في هذا الحديث فوائد: منها: أن التحليل والتحريم لله لقوله: "إن الله حرم" وإن كانت الدلالة على حصر التحريم في حق الله عز وجل ليست بذاك في هذا الحديث، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم حكى ذلك مقررًا له فيكون في هذا دليل على أن ما حرم الله فهو حرام، لكن هناك أصرح من هذا قوله تعالى:{ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب}[النحل: ١١٦]. يتفزع على هذا مسألة أعظم منها أن التكفير والإدخال في الإسلام ليس إلى الخلق، ولكن إلى الله عز وجل فالخلق عبيد الله إذا حكم على أحد بأنه كافر فهو كافر ولو كان أباءنا أو إخواننا أو أبناءنا أو عشيرتنا، إذا لم يحكم على إنسان بأنه كافر فلن نكفره ولو عمل ما عمل، فكون الإنسان يجعل مسألة التكفير حسب العاطفة والمزاج غلط عظيم، ومسألة التكفير أعظم من مسألة التحليل والتحريم؛ لأنه متوقف عليها أحكام عظيمة تذكر في أحكام الردة، ويترتب على ذلك أيضًا أن من أحل ما حرم الله أو حرم ما أحل الله فقد ضاد الله في أمره؛ لأن التحريم والتحليل لله وحده، فمن قال عن شيء حلال إنه حرام فهو مضاد لله ومن قال عن شيء حرام إنه حلال فهو مضاد لله عز وجل لكن ما صدر عن اجتهاد بعد البحث وطلب التدليل وأداة اجتهاده إلى شيء ما من هذا فهو معذور؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر».
ومن فوائد الحديث: تحريم عقوق الأمهات وهو من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالوا: بلى يا رسول الله قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين» فعقوق