للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما الجواب؟ نقول: إن قدَّره بهذا السبب، فأنت عليك بالأسباب، والله تعالى له بقدرته أن يأتي بالمسببات التي يربطها بها {وقال ربُّكم ادعوني أستجب لكم} (غافر: ٦٠). التزم عز وجل أن يستجيب وإلا لقلنا أيضًا: إذا كان الله قد قدَّر أني من أهل الجنة فلا فائدة من العمل، وإن لم يقدِّر أني من أهل الجنة فإني وإن عملت فلن أدخلها، وكذلك يقول الثاني: إن كان الله قد قدَّر لي الولد فلا فائدة من الزواج، وإن لم يقدِّر لي ولد فلو تزوجت ما جاءني ولد، وهكذا فلا أحد ينكر الأسباب أبدًا إلا رجل ضالّ أو ضائع.

يستفاد من رواية أبي داود: جواز الحركة لإتمام الصلاة، وهذا يؤخذ من قوله: "ثم مشى إلى الصلاة".

ويستفاد منه: أن الانفراد ببعض ركعة لا يعد انفرادًا لأنه انفرد بتكبيرة الإحرام والركوع، "ثم مشى إلى الصف"؛ فالانفراد ببعض الركعة ليس كالانفراد في الصلاة كاملة، وبهذا نردُّ على من استدلَّ بهذا الحديث على: أن الإنسان يجوز أن يصلي منفردًا خلف الصف، فنقول: يمكن الجمع بين الأدلة، بماذا؟ بأن يقال: إن الانفراد ببعض الركعة لا يعد انفرادًا، وكذلك سبق أن قلنا ذلك في حديث ابن عباس.

[حكم صلاة المنفرد خلف الصف]

٣٩٨ - وعن وابصة بن معبٍد رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلِّي خلف الصَّفِّ وحده، فأمره أن يعيد الصَّلاة". رواه أحمد، وأبو داود، والترمذيُّ وحسَّنة، وصحَّحه ابن حبَّان.

نتناول هذا الحديث أولًا بالكلام على إسناده، فنقول: العلماء مختلفون فيه، فمنهم من يقول: إن الإسناد مضطرب، ومعلوم أن الاضطراب يوجب ضعف الحديث، وإذا ضعف الحديث فلا حجة فيه؛ لأن من المعلوم أنه لا يحتج إلا بالحديث الصحيح، أو الحسن، أمَّا الضعيف فإنه لا يحتج به ولا يعمل به، بل ولا يجوز ذكره إلاَّ لبيان ضعفه إلا إذا كان من فضائل الأعمال، فإن بعض أهل العلم أجاز ذكره بشروط ثلاثة وهي: ألا يكون الضعف شديدًا، وأن يكون لهذا العمل أصل صحيح -العمل المرغوب فيه-، والثالث: ألا يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله. فبعضهم أجازه بهذه الشروط الثلاثة، والبعض الآخر قالوا: لا يجوز العمل بالضعيف، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>