للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخطأ بلا شك، والدليل على خطئه قوله له: "ولا تعد"، لكن مع ذلك لمَّا علم النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أراد الخير قال له: "زادك الله حرصًا"، لو أن أحدًا فعل مثل ما فعل أبو بكرة قال: من أجل ان تنالني دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم الآن يصلح؟ ما يصلح؛ لأن أبا بكرة رضي الله عنه ما كان عالمًأ بأن هذا مما ينهى عنه، وإلا لما فعل لكن لا شك أن من كان مجتهدًا حريصًا على الخير، وإن لم يصب فهو مأجور له أجر على اجتهاده وإن لم يصب الحكم.

ومن فوائد هذا الحديث: أن من ارتكب محظورًا جاهلًا فلا إثم عليه، من أين يؤخذ؟ لم يقل: إنك آثم، ولا وبخه -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا كانت عادته -عليه الصلاة والسلام- ألاَّ يوبخ من فعل الشئ جاهلًا، لم يوبخ الرجل الذي بال في المسجد، ولم يوبخ الرجل الذي جامع زوجته في نهار رمضان، ولم يوبخ الرجل الذي تكلَّم في الصلاة؛ لأن كل هذا صار عن جهل.

ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينهى عن الدخول في الصلاة قبل الوصول إلى الصف؛ لقوله: "ولا تعد".

ومن فوائده: أن الصلاة منفردًا خلف الصف جائزة، هذه الفائدة أخذها بعض العلماء وقالوا: إن فيه دليلًا على أن صلاة المنفرد خلف الصف جائزة؛ لأن الرسول ما أمره بالإعادة وهو قد صلَّى قبل أن يصل إلى الصف، ولو كانت ممنوعة لأمره بالإعادة، وهذا الاستدلال قريب من استدلال من استدلَّ بقصة ابن عباس السابقة حينما أداره الرسول -عليه الصلاة والسلام- وراء ظهره دلَّ على جواز الصلاة منفردًا، ولكن الصحيح أنه ليس فيه دليل؛ لأن هذا الرجل ما استمر في جميع الصلاة منفردًا، لو أتمَّ صلاته منفردًا لكان فيه دليل على أنه لا تحرم الصلاة منفردًا، لكن الرجل تقدم إلى الصف ولهذا نقول: إذا صلى منفردًا خلف الصف ركعة فأكثر لا تصح صلاته، وغن خاف فوات الركعة فله أن يدخل في الصف بشرط ألاَّ يصلي ركعة فأكثر، فإن صلَّى ركعة فأكثر فالصحيح: أنه لا تصح صلاته.

ومن الفوائد: أن المجتهد معذور ولو أخطأ.

ومنها: إثبات الأسباب، وأن الدعاء منها، يؤخذ هذا نت قوله: "زادك الله حرصًا".

ومنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك لغيره نفعًا ولا ضرًا، وتؤخذ هذه الفائدة من دعائه، وفيه إيراد. لو قال قائل: إن كان الأمر مكتوبًأ فلا فائدة من السؤال، وغن كان لم يكتب فالسؤال لن يأتي به فما الجواب؟ يقولون: إن أحد الطلبة أو الحاضرين أورد هذا السؤال على الشيخ محمد عبده، فقال الشيخ: إن كان الله قد شاء أن أجيبك فلا فائدة من سؤالك لي، وإن كان الله لم يشأ أأجيبك فلن أجيبك على سؤالك، ألقمه الحجر من حجته، نحن نقول: في الجواب عن أصل المسألة: ما فائدة الدعاء إذا كان الله قد قدَّره، وإذا كان الله لم يقدره، فإن الدعاء لن يأتي به

<<  <  ج: ص:  >  >>