للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النزاع والبغضاء وإلى الطمع وأن ترتقي النفوس لطلب الربح إلى الميسر الذي حرمه الله تعالى في كتابه وقرنه بالخمر والأنصاب والأزلام.

ومن فوائد الحديث: حكمة الشارع في درء كل ما يوجب العداوة والبغضاء بين الناس، لأن المطلوب من المسلمين أن يكونوا إخوانًا متآلفين متحابين، فكل ما يفضي إلى النزاع من أي معاملة كانت فإن الشرع يمنع منه.

بيع العُربان:

٧٦٨ - وعنه رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العُربان".رواه مالك، قال: بلغني عن عمر بن شعيب، به.

النهي هو طلب الكف على وجه الاستعلاء، وهو من الشارع يقتضي التحريم كما مر علينا وقوله: "العُربان"، ويُقال: العربون، والعربون: هو أن يشتري إنسان شيئُا من شخص ويقدم له بعض الثمن ويقول: إن تم البيع فهذا من الثمن، وإن لم يتم البيع فهو لك، مثال ذلك: جئت إلى زيد وقلت: يعني بيتك، قال: طيب اتفقنا على أنه يبيعه علي بمائة ألف ريال، فقال: أعطني العُربون، فقال: أعطيك عشرة آلاف ريال عربونًا، إن تم البيع أتممت الثمن، كم يتمم؟ تسعين ألفًا وإن لم يتم فهو لك، هذا فيه خلاف بين العلماء، فمن أهل العلم من قال: إنه محرم، لأنه غرر وجهالة قد يتم البيع وقد لا يتم، فيكون هناك جهالة وغرر فيكون ممنوعًا، واستدلوا بهذا الأثر، لكن هذا الأثر كما تشاهدون لا يصح، لماذا؟ لأنه يقول: بلغني عن عمرو بن شعيب، فمن الذي بلغ، ما هو الطريق؟ مجهول، وحينئذ لا يصح، ولهذا كان القول الثاني في المسألة صحة بيع العربون، وهذا مذهب عمر رضي الله عنه صح عنه ذلك، وصح عن ابنه أيضًا ابن عمر وهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل أن بيع العربون جائز ولا بأس به، قالوا: والجهالة التي فيه ليس جهالة ميسر؛ لأن الجهالة- جهالة الميسر-يكون فيها المتعاملان بين الغنم والغرم، أما هذه فإن البائع ليس بغارم بل البائع غانم، وغاية ما هناك أن ترد إليه سلعة، ومن المعلوم أن المشتري لو شرط الخيار لنفسه لمدة يوم أو يومين كان ذلك جائزًا، وبيع العُربون يشبه شرط الخيار إلا أن المشتري يقول: بدل من أني رددت عليه السلعة وربما تنقص قيمتها إذا علم الناس اشتريت ثم رُدت بدلًا من ذلك أنا أعطيه عُشر الثمن أو أكثر أو أقل حسب ما يتفقان عليه، ففيه جبر لما قد

<<  <  ج: ص:  >  >>