ومن فوائد الحديث: جواز المساهمة في الحقوق، لأن هذا مساهمة أيهم أحق باليمين وهو أيضا ثابت كما كان النبي إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، وإذا جاز في الأموال ففي الحقوق من باب أولى.
بالنسبة للقرعة كيف تكون؟ تكون القرعة بطرق كثيرة معروفة، منها: ما كنا نستعمله سابقا في المبايعات بأن يجعل أحدنا في يده نواة تمر وفي اليد الأخرى حصاة فيقول: من وقع اختياره على النواة فهو الغارم، ومن وقع على الحصاة فهو المغروم، أو أن يجعل ذلك بالأوراق بأن يكتب مثلا (مستحقا)، غير مستحق، أو أن يكتب (مستحقا)، ويترك بقية الأوراق بيضاء، المهم: ليس لها طريق معين.
[غضب الله على من أخذ مال غيره بغير حق]
١٣٥٢ - وعن أبي أمامة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبا من أراك». رواه مسلم.
"من اقتطع" جملة شرطية، فعل الشرط هو:"اقتطع"، وجوابه:"فقد أوجب الله"، وإنما اقترن جواب الشرط بالفاء؛ لأنه مقرون بـ"قد"، و"قد" إذا كانت في جواب الشرط فإنه يجب أن يؤتى قبلها بالفاء كصاحبتها وهن المجموعات في قول الناظم.
(اسمية طلبية وبجامد ... وبما وقد وبلن وبالتنفيس)
وقوله:"من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه" أي: يحلف، وهذا له صورتان:
الصورة الأولى: أن يدعي شيئا ويأتي بشاهد ويحلف معه وهو يعلم أنه كاذب، فهنا اقتطع حقا؛ لأنه استباح ماله بيمين كاذبة.
والصورة الثانية: في مقام الدفاع بأن يكون على شخص حق ثم ينكره وليس للمدعي بينة، فهنا سوف يحلف المدعى عليه ويخلى سبيله، فيكون قد اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق، إذا لها صورتان الصورة الأولى في دعوى ما ليس له، والصورة الثانية في إنكار ما يجب عليه، وكلاهما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عنهما:«فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة»، أوجبها له؛ أي: جعله مستحقا لها؛ لأنه لما فعل هذا الأمر العظيم فكان بذلك انتهك حرمتين: