ومن فوائد الحديث: أن أوصاف الذم إذا تعددت فإن الإنسان يعاقب عليها جميعها ولا تتداخل لقوله: "فقد بهته" ولو تداخلت لاكتفى بعقوبة ذنب واحد.
ومن فوائد الحديث: التعبير بالأخص وطي ذكر الأعم، لقوله:"فقد بهته" وطوى ذكر الأعم وهو الغيبة، لكن للعلم به لأنه ليس من المعقول أنك إذا ذكرت شخصاً بما يكرهه وهو موجود فيه أن يكون غيبة، وإذا ذكرته بشيء غير موجود فيه لا يكون غيبة، هذا غير معقول.
فإن قال قائل: ماذا تقولون في الغيبة أكبيرة هي أم من الصغائر؟ قلنا استمع إلى قول ابن عبد القوي رحمه الله قال:
(وقد قيل صغري غيبةٌ ونميمةٌ ... وكلتاهما كبرى على نص أحمد)
والصواب أن الغيبة من كبائر الذنوب، وأن النميمة من كبائر الذنوب أما النميمة فجاء فيها "حديث لا يدخل الجنة قتات" أي: نمام وأما الغيبة فيدل على أنها من كبائر الذنوب أن الله تعالى قال في كتابه: {ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم}[الحجرات: ١٢]. هل أحد من الناس يقدم له أخوه ميتاً ليأكله هل يمكن أن يأكله؟ لا وهذا يدل على أن هذا من أقبح الأعمال حتى قال بعض العلماء: إن معنى الآية أن هذا الذي اغتيب يقدم ميتاً يوم القيامة ويوجب هذا الذي اغتابه على أن يأكله تعذيباً له كما يكلف الذي يكذب في الرؤية أن يعقد بين شعيرتين كل من يقول: رأيت كذا وكذا كذباً يوم القيامة يعطي شعيرتين ويقاول: اعقد بينهما هل يمكن العقد بينهم؟ ! !
[النهي عن أسباب البغض بين المسلمين]
١٤٣٥ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا- ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرامٌ دمه، وماله، وعرضه". أخرجه مسلمٌ.
هذه كلها آداب عالية حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم بما سمعتم قال:"لا تحاسدوا" المعنى: لا يحسد بعضكم بعضاً، وليس المعنى لا تحاسدوا من الطرفين بل الحسد مذموم ولو من طرف