وإذا رأيت من المستفتي أنه استغرب الحكم - وهذا يعرف بملامح وجهه- فهنا يجب أن تذكر الدليل؛ لماذا؟ لكي يطمئن من وجه، ولئلا يذهب إلى آخرين يستفتيهم ويفتونه بغير علم.
ومن فوائد هذا الحديث: أن المار بين يدي المصلي مع المدافعة - بل حتى مع عدم المدافعة- شيطان، وذلك لمشابهة الشيطان في محاولة تنقيص العبادة أو إبطالها.
ومن فوائد اللفظ الآخر: أن القرين من الشياطين يأمر بالعدوان والظلم، وهو كذلك؛ ولهذا قال الله عز وجل:{ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عدوة كأنه ولي حميم وما يلقها إلا الذين صبروا وما يلقها إلا ذو جظ عظيم وإما بنزغنك من الشيطن نزغ فاستعذ بالله}[فصلت: ٣٤، ٣٦]. فأرشد الله تعالى إلى مقابلة المسيء من الإنس والمسيء من الجن.
[حكم اعتبار الخط سترة]
٢٢٦ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن فليخط خطا، ثم لا يضره من مر بين يديه".
أخرجه أحمد، وابن ماجه، وصححه ابن حبان، ولم يصب من زعم أنه مضطرب، بل هو حسن.
قوله:"إذا صلى أحدكم فليجعل". "إذا صلى" أي: إذا أراد أن يصلي، ولو أخذنا بظاهرها لكان إذا فرغ من الصلاة، وهذا غير مراد قطعا، إذن "إذا صلى" أي: إذا أراد أحدكم أن يصلي.
فإن قال قائل: ما الفائدة من إطلاق الفعل على إرادته؟
قلنا: الفائدة من ذلك أن يتبين للمخاطب أن المراد: الإرادة الجازمة التي تستلزم الفعل، هذا هو فائدة التعبير بالفعل على إرادته؛ ولذلك لو أن الإنسان أراد أن يصلي لكن يصلي مثلا بعد ساعة أو ساعتين لا يقال: هذا الفعل مقارنا للإرادة، لكن الفعل يكون مقارنا للإرادة إذا كانت الإرادة قريبة من الفعل.
وقوله:"فليجعل تلقاء وجهه شيئا" أي: شيئا فوق العصا، بدليل قوله:"فإن لم يجد فلينصب عصا" يعني: "إن لم يجد" معناها: التحول من حال عليا إلى حال دونها، فعليه يكون المراد