فإذا قال قائل: ما الذي يدرينا أنه أراد الثواب، أو التبرع المطلق؟ نقول: القرينة، فإذا جاءنا رجل فقير أهدى لشخص غني، فهنا القرينة تدل على أنه أراد الثواب، فإذا لم يثبه فهو أحق بهبته يرجع بها، لكن إذا كانت الهبة بين شخصين متساويين فإن الظاهر أنها ليست للثواب، وأنها تبرع محض، لكن إذا قامت قرينة تدل على أنها ثواب، فإنه يردها إذا لم يثب عليها.
يُستفاد من الحديث: أن هبة الثواب إذا لم يثب عليها الواهب فإنه يرجع فيها.
ومن فوائده: العمل بالقرائن، لأننا لا نعلم أنها هبة ثواب إلا بقرينة، أما لو صرح وقال: سأهدي عليك هذا الكتاب لتهدي علي كتابك فهذا بيع محض، لكن إذا لم يصرح ودلت القرينة على أنه للثواب عمل بها.
[١٩ - باب اللقطة]
اللقطة: على وزن فعلة، وهي بمعنى الشيء الملقوط، وفسرها أو عرفها الفقهاء بأنها:«مال أو مختص ضل عن ربه أو أضاعه ربه»، المال: ما يصح عقد البيع عليه، والمختص: ما لا يصح عقد البيع عليه، فالكلب المعلم مختص، فإذا وجد الإنسان كلبًا معلمًا فهو لقطة، وهو مختص يعني: لقطة بالمعنى العام، وإن كان يُسمّى ضالة وإذا وجد كتابًا فهو مال، إذن ما أضاعه ربه من ماله المختص فإنه لقطة، فإذا كان حيوانا فله اسم خاص وهو الضال.
واللقطة تنقسم إلى ثلاث أقسام:
قسم يملكه الإنسان بمجرد ما يجده: وهو الشيء اليسير الزهيد الذي لا تتبعه همة الناس مثل الريال والريالين، هذه متى وجدها الإنسان فهي له ما لم يعلم صاحبها، فإن علم صاحبها فهي لصاحبها، لكن إذا لم يعلم فهو لمن وجده، ومثل القلم الذي قيمته ثلاثة ريالات وريالين هو لمن وجده ما لم يعلم صاحبه.
القسم الثاني: الحيوان.
والقسم الثالث: ما عدا ذلك، وإن شئتم جعلنا الحيوان قسماً مستقلاً، وقسمنا غيره القسم الثاني ما تتبعه همة أوساط الناس فهذا نقول: يُعرفه الإنسان الواجد له مدة سنة فإذا جاء صاحبه، وإلا هو للواجد كالدراهم الكثيرة، والكتب الثمينة، والآلات الثمينة، والحلى وما أشبه ذلك، ولكن أحيانا يكون الشيء مما يسرع إلي الفساد بمعنى: أن لو بقي إلى سنة لفسد فحكمه أنه يبيعه الواجد ويحفظ ثمنه ويُعرفه سنة، فإن جاء صاحبه وإلا فهو له، مثل أن يجد كيسا من