ومنها: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم حيث أجاب عثمان وجبيرًا بجواب يقتنعان به، وهو قوله:"إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد"؛ وإلا ففي إمكانه أن يقول: لا حق لكما فيه وينصرفان، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين العلة في إعطاء بني المطلب وأنهم مع بني هاشم شيء واحد.
ومنها- على ظاهر صنيع المصنف رحمة الله-: أن بني المطلب لا يعطون من الزكاة كما أنهم يعطون من الخمس، وهذا أحد القولين في المسألة، ولكن الراجح خلاف ذلك.
هل يفهم منه أيضًا جواز التوسل بفعل شيء إلى أن يفعل الفاعل مثله؛ بمعنى: يجوز أن أقول لشخص: أنت أعطيت فلانًا فأعطني مثله؟ نعم؛ لأنه قال: أعطيت بنى المطلب، وهذا معناه كالإلزام بأن يعطي عثمان وجبيرة أو كالتوسل: يعني: مثلما أعطيت فلانًا وأنا وإياه حاجتنا واحدة فأعطني مثله، وهذا أيضًا أمر جبلت عليه النفوس أن الإنسان يتوسل بفعل الإنسان على أن يفعل به مثل ما فعل.
[حكم أخذ موالي آل الرسول صلى الله عليه وسلم من الصدقة]
٦١٧ - وعن أبي رافع رضي الله عنه:"أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على الصدقةٍ من بني مخزوم، فقال لأبي رافع: اصحبني فإنك تصيب منها، قال: لا، حتى آتي النبيّ صلى الله عليه وسلم فأسأله، فأتاه فسأله، فقال: مول القوم من أنفسهم، وإنها لا تحل لنا الصدقة". رواه احمد، والثلاثة، وابن خزيمة، وابن حبان.
وأبو رافع، كان مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ملكه من قبل العباس بن عبد المطلب، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فبشره بإسلام العباس، فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم فصار مولى للرسول صلى الله عليه وسلم مولى من أسفل وليس مولَّى من أسفل باعتبار المعنى، فالرسول صلى الله عليه وسلم أعلى منه بلا شك، لكن أقول لكم: إن المعتق يسمى مولى من فوق أو من أعلى، والعتيق يسمَّى مولَّى من أسفل فكل منهما مولَّى للآخر، لكن ذاك هو المعتق فهو الأعلى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"يد المعطي هي العليا"، والثاني مولى من أسفل.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"مولى القوم من أنفسهم يعني: وأنت مولى لي فيكون حكمك حكمي ولهذا قال: "وإنها لا تحل لنا الصدقة"، يعني: فإذا كانت لا تحل لنا وأنت مولى فإنها لا تحل لك، إذن أضيفوا إلى المسألة السابقة- وهي أن الصدقة لا تحل إلى آل محمد-: ولا لموالي آل محمد، وإذا قلنا بأن المطلبيين لا تحل لهم الصدقة فكذلك مواليهم.