يكن نبيًا إلا بعد أن أنزل إليه، ولم يكن هناك دين جاء به إلا بعد أن أنزل إليه.
ثم نقول: مَن قال لكم: إن ميلاده في شهر ربيع، وإن ميلاده في اليوم الثاني عشر منه، كل هذا غير متيقن، من المعلوم أن هذه البدعة لم تحدث في عهد الصحابة ولا التابعين ولا تابعي التابعين، وأن القرون المُفَضَّلة انقرضت ولم يتكلم واحد منهم بكلمة ولم يفعل أحد منهم فعلًا من هذا النوع، وعليه فيكون مُح دَثًا، وكل مُحدث يتقرب به الإنسان إلى الله فهو بدعة وضلالة.
ثم نقول أيضًا: هذه الذكرى التي تقيمونها كان عليكم أن تصبحوا يومها صائمين، أما أن تبقوا في تلك الذكرى منكم يقدمون الحلوى والفرح، وكذلك الأغاني التي كلها غُلُوٌ لا يرضاه الرسول صلى الله عليه وسلم فليس هذا من إقامة ذكراه، بل هذه من معاداة الرسول صلى الله عليه وسلم.
إذن نأخذ من هذا الحديث: مشروعية صيام ثلاثة أيام يومان سنويًا، ويومًا أسبوعيًّا.
[فضل صيام ستة أيام من شوال]
٦٤٧ - وَعَن أَبِي أَيُّوبَ الأَن صَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالّ:"مَن صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَت بَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهرِ". رَوَاهُ مُسلِمٌ.
"من صام" شرطية، وجوابها:"كان كصيام الدهر"، وقوله:"من صام رمضان" يعني: أتم صيامه؛ لأنه لا يُقال للرجل صام رمضان إلا إذا أتمه، وقوله:"ثم أتبعه"، أي: جعل هذه الأيام تابعه له، لكن "ثم" تفيد الترتيب بتراخ، وقوله:"ستًّا من شوال" ولم يقل: ستة؛ لأنه حُذف المعدود وإذا حُذف المعدود فإنه يجوز التذكير باعتبار أن المحذوف مذكر والتأنيث باعتبار أنه مؤنث، وتطلق الليالي على الأيام ونعلم أن هذه الأيام؛ لأن اليوم هو محل الصوم.
وقوله:"من شوال" هو بالكسر مجرورًا؛ لأنه اسم ينصرف، والذي ينصرف من أسماء الشهور هذا شوال؛ ذُو الحجة، مُحرم، ربيع الأول والثاني، ورجب.
وقوله:"كان كصيام الدهر"، أي كان صوم رمضان وإتباعه ستًّا من شوال كصيام الدهر ووجهه: أن صوم رمضان بعشرة أشهر، وستة من شوال بشهرين والحسنة بعشر أمثالها، فكذلك كان كصيام الدهر، ولكن هل ينوب عن صيام الدهر؟ لا؛ لأن ما يعادل الشيء بالأجر لا ينوب منابه في الإجزاء، يعني: قد يكون الشيء معادلًا لأجره في الأجر ولكن لا ينوب عنه في الإجزاء؛ أرأيتم رجلًا جامع زوجته في الإحرام بالحج قبل التحلل الأول يلزمه بدنة، فقال: بدلًا من هذه البدنة أذهب إلى الجمعة في الساعة الأولى، ومن راح في الساعة الأولى كأنه قرب بدنة هل يجزئه ذلك؟ لا، {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن لو قرأها المصلي في صلاته