ولأن الإنسان حال الموت قد لا يتمكن من فعل ما يعتبر إسلامًا، كالصلاة والزكاة والصوم والحج، فدل ذلك على الفرق، والفرق بينهما مشروط بما إذا اجتمعنا، أما إذا ذكر كل واحد على حدة دخل كل واحد منهما في الثاني.
ومن فوائد الحديث: أن للإنسان أجرًا في الصلاة على الميت وتجهيزه والصبر على مصيبته، لقوله:"اللهم لا تحرمنا أجره".
ومن فوائد الحديث أيضًا: أن الإنسان إذا كان حيًّا لا تؤمن عليه الفتنة، لقوله؛ "ولا تضلنا بعده"، وتأمل كلمة "بعده" حيث تشعر بأن الإنسان ما دام حيًّا، فإنه لا تؤمن عليه الفتنة، وكم من إنسان يرى نفسه أنه في خير ولكنه قد يصاب من حيث لا يشعر، ولا سيما إذا كانت عبادته لله عز وجل ليست متمكنة كما قال تعالى:{ومن النَّاس من يعبد الله على حرفٍ فإن أصابه خيرٌ طمأنَّ به} إذا لم يأته شيء يكدر عليه واطمأن به، {وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدُّنيا والآخرة}[الحج: ١١]. والفتنة التي قد تصيب الإنسان ضعيف العبادة إما شبهة، وإما شهوة، يلتبس عليه العلم فيضل ويبقى حيران، وإما شهوة، والشهوة: قد تكون محاولة لنيل المحبوب أو لدفع المكروه، قد يرتد الإنسان إذا أصيب بمصيبة، قد يصاب الإنسان مثلًا بفقد ابنه أو ابيه أو أخيه أو أحد عزيز عليه فتؤثر هذه المصيبة في قلبه حتى يرتد- والعياذ ابلله- لفوات محبوبه، وقد تكون الفتنة طلب محبوب لا فوات محبوب، يفتن الإنيان إما بالتكاثر في الدنيا وإما بشهوة الفرج وإما بغير ذلك فيضل؛ ولهذا يجب على الإنسان أن يكون حذرًا من كل شيء وألا يعتمد على ما في قلبه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الدجال:"من سمع به فلينأ عنه، فإن الإنسان قد يأتي إليه وهو مؤمن فلا يزال به حتى يتبعه بما يبعث في قلبه من الشبهات"، فالمهم: أنك كن دائمًا مراقبًا لقلبك، ولا تعتمد على مجرد ما تفعله من عبادات، العبادات صحيح أنها بمنزلة السقي للقلب، لكن تحتاج إلى صيانة.
[الإخلاص في الدعاء للميت]
٥٤١ - وعنه رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلَّيتم على الميِّت فأخلصوا له الدُّعاء". رواه أبو داود، وصحَّحه ابن حبَّان.
يعني: أن الرسول أمرنا أن نخلص الدعاء للميت، وإخلاص الدعاء قد يكون بالتعيين، وقد يكون بالصفة، بالتعيين بمعنى: أن أدعو له وحده، ويفسّره حديث عوف بن مالك؛ لأن إخلاص الشيء معناه: توحيده وتنقيته وإزالة ما يشوبه كما تقول: الإخلاص لله عز وجل: "فأخلصوا