للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فضل الدعاء بين الأذان والإقامة]

١٩٥ - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة». رواه النسائي, وصححه ابن خزيمة.

«لا يرد» يعني: أن الله لا يرد الدعاء؛ لأن رد الدعاء وقبوله عند الله عز وجل.

وقوله: «بين الأذان والإقامة» يعني: من كل صلاة, سواء الفجر, ظهر, عصر, مغرب, عشاء, جمعة لا يرد, والغرض من هذا الخبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم الحث على اغتنام هذا الوقت بالدعاء, فإنه حري بالإجابة, ففي هذا الحديث أن هذا الوقت ما بين الأذان والإقامة وقت لإجابة الدعاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة» , وظاهر الحديث العموم, وأنه لا فرق بين الرجال والنساء, وظاهره أيضًا أنه لا فرق بين منتظر الصلاة وغير منتظر الصلاة, وظاهره أيضًا أنه لا فرق بين المتوضئ وغير المتوضئ.

ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة الدعاء؛ لأن الدعاء عبادة كما قال - جل وعلا -: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادي سيدخلون جهنم داخرين} [غافر: ٦٠] , فجعل الله الدعاء عبادة, قال: {ادعوني} , ثم قال: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}. ولا شك أن عبادة لأن الداعي يظهر أمام الله بمظهر المحتاج المفتقر الذي يشعر بأن الله تعالى هو الذي بيده الأمور وهي الذي يعطي ويحرم.

ومن فوائد هذا الحديث: ما أشرنا إليه في أول الكلام من أن الراد والقابل من؟ هو الله عز وجل.

ويتفرع على هذه القاعدة فائدة عظيمة, وهي: أن الإنسان إذا دعا على آخر فهل يخاف الآخر من دعائه؟

الجواب: لا يخاف إلا إذا كان ظالمًا؛ لأن الإنسان إذا دعا على غير ظالم فإن الذي يجيبه هو الله عز وجل, ولو أجابه على دعائه لكان الله تعالى يعين الظالمين, وحاشاه من ذلك, بل قال الله عز وجل: {إنه لا يفلح الظالمون} [يوسف: ٢٣]. وعلى هذا فلا تخف من دعاء من يدعو عليك بغير حق؛ لأن المستجيب للدعاء هو الله عز وجل, وأنه سبحانه وتعالى لا ينصر الظالم أبدًا, لكن إن كنت ظالمًا فاحذر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه وقد بعثه إلى اليمين وأمره بأخذ الزكاة من أموالهم: «واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب».

وللدعاء آداب معلومة في الكتب المكتوبة في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>