وقبل أن نبدأ شرح حديث جديد أحب أن أنبه على وهم وقع لنا في المثال السابق في حديث ابن مسعود لعلكم انتبهتم له، المشتري والبائع اختلفا في قدر الثمن، فقال البائع: إنه مائة، وقال المشتري: إنه ثمانون، من الذي يدعي الزيادة؟ البائع، وعلى هذا فهو المدعي، وأظن أننا ذكرنا أن الذي يدعي الزيادة هو المشتري.
ونكمل أيضًا فوائده -أي: الحديث الماضي نقول-: إنه إذا اختلف المتبايعان وكان لأحدهما بينة، فالقول قول من معه البينة لقوله:"وليس بينهما بينة".
ومن فوائد الحديث: أن جميع الاختلافات يرجع فيها إلى قول البائع، فإن رضي بذلك المشتري وإلا فسخ البيع، هذا هو ظاهر الحديث، ولكن هذا الحديث ليس على ظاهره بالإجماع. ففيه مسائل لا يكون فيها القول قول البائع بالاتفاق، وعلى هذا فيكون عموم الحديث مخصوصًا بالأدلة الأخرى، والضابط: أن كل من ادعى خلاف الأصل فهو مدعٍ يحتاج إلى بينة، وكل من تمسك بالأصل فهو منكر وعليه اليمين، هذا هو الضابط، وينزل هذا الحديث مع حديث:"البينة على المدعي ... إلخ" ينزل على هذا الأصل، وهذا الأصل أصل عظيم دلت عليه نصوص كثيرة من الكتاب والسُّنة.
[النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن]
٧٥١ - وعن أبي مسعودٍ رضي الله عنه:"أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغيِّ، وحلوان الكاهن". متَّفقٌ عليه.
النهي: هو طلب الكف على وجه الاستعلاء بلفظ المضارع المقرون بـ"لا"، فلا بد أن نقيد؛ لأننا لو لم نقيد لكان قول القائل: اجتنب كذا نهيًا مع أنه ليس بنهي، بل هو أمر بالاجتناب، لكن لو قلت: لا تفعل كذا هذا هو النهي، وعلى هذا فنقول في التعريف: طلب الكف على وجه الاستعلاء بصيغة مخصوصة هي المضارع المقرون بلا الناهية، وإنما قيدناه بذلك لئلا يدخل فيه الأمر بالترك أو بالاجتناب، فإن هذا لا يسمى نهيًا في الاصطلاح، وإن كان يقتضي معناه.
قال:"نهى عن ثمن الكلب"، يقال: ثمن، ويقال قيمة فهل بينهما فرق؟ الجواب: نعم،