الظلم: في الأصل هو النقص، ومنه قوله تعالى:{كلتا الجنتين آتت أُكلها ولم تظلم منه شيئاً}[الكهف: ٣٣]. أي: لم تنقص منه شيئاً بل أتت به كاملاً، أما في الشرع فهو العدوان على الغير وعلى النفس أيضاً إما بالتفريط فيما يجب، وإما بالتعدي فيما يحرم عليه يدور الظلم ويكون في المال والنفس والعرض لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرم كحرمة يومكم هذا" الحديث، فمثال الظلم في المال أن يدعي الإنسان على شخص ما ليس له أو أن ينكر ما كان واجباً عليه، الأول ادعى على شخص أنه يطلبه كذا وكذا ثم اقام بينة زور وأخذه هذا تعدٍّ في أخذ ما ليس له، والثاني الذي أنكر ما يجب عليه تعدي فيما عليه وكلاهما ظلم، كذلك أيضاً لو أن إنساناً أخذ مال شخص سرقةً أو غصباً فهذا ظلم؛ لأنه عدوان على الغير، الظلم في النفس أن يعتدي على نفسه إما بقطع عضو أو جرح أو إهانة كرامة بزنا أو لواط أو ما أشبه ذل، وأما العرض فأن ينتهك عرضه فيغتابه أو يقذفه أو غير ذلك، المهم أن الظلم له ثلاثة أشياء المال، والنفس، والعرض، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"ظلمات يوم القيامة"، يكون عقوبة الظالم أن يسلب منه النور فلا يكون له نور، فيكون بمنزلة الكفار والمنافقين؛ لأن المؤمنين يسعى نورهم بين أيديهم وأيمانهم أما الكافر فليس له نور وأما المنافق فيعطى نوراً ثم ينزع منه هذا الذي يظلم يكون ظلمه ظلمات عليه يوم القيامة.
في الحديث: التحذير من الظلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر الوعيد على عمل فإنه يكون أشد مما لو نهى عنه فقط؛ لأن النهي عن الشيء بدون ذكر الوعيد يجعله من صغائر الذنوب، وذكر الوعيد يجعله من كبائر الذنوب.
وعلى هذا فنقول في هذا الحديث: تحريم الظلم.
وفيه أيضاً: أن الجزاء من جنس العمل لما ظلم الناس في الدنيا أظلم الله عليه يوم القيامة.
وفي الحديث أيضاً: إثبات يوم القيامة وهو اليوم الذي يبعث فيه الناس لله عز وجل وسمي يوم القيامة لأمور ثلاثة: الأول أن الناس يقومون فيه من قبورهم لله عز وجل دليل قوله تعالى: {ليومٍ عظيمٍ * يوم يقوم الناس لرب العالمين}[المنافقون: ٥ - ٦].
الثاني: أنه تقام فيه الأشهاد كما قال تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}[غافر: ٥١].
الثالث: انه يقام فيه العدل: لقوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً}[الأنبياء: ٤٧].