معه والآخرون ساكتون هل يدخل في النهي للعلة أو نقول: إنه من الخطأ أن يحزن الآخرين؟ أحيانا يكون مثلاً رجل كبير في عمله أو في ماله، أو في جاهه، أو في إمارته، فيجلس في مجلس ويجلس إلى جنبه آخر ويتحدثان كل المجلس حديث مع هذا الرجل هل القوم الآخرون يرضون بهذا أو يحزنون؟
عادة يحزنون؛ ولهذا ينكرون على صاحبهم يقولون: استبددت بالرجل فهل نقول: إن هذا منهي عنه؟ نقول: نعم منهي عنه لأن ذلك إذا كان يحزن القوم فالحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، كل إنسان إذا جلس مع عالم أو مع أمير أو مع وزير كل إنسان يحب أن يكون له معه كلام ويأتي إنسان جنب هذا الكبير ويتحدث معه والآخرون لا يتكلمون لا شك أن هذا يحزنهم ولهذا دائمًا إذا وقع مثل ذلك ألقوا باللوم على صاحبهم قالوا: لما استبددت بهذا الرجل؟
ومن فوائد الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن تعليمًا إذا حكم بحكم بين العلة.
ومن فوائد الحديث: أن تعليل الأحكام يستوجب للإنسان فائدتين عظيمتين، أو يحصل به فائدتان عظيمتان: الأولى: الاطمئنان أن الإنسان يطمئن للشريعة ويعرف أن هذا هو المناسب وهو الحكمة، الثاني: القياس قياس ما لم يذكر على المذكور إذا وجدت العلة فنأخذ من هذا أن كل شيء يحزن أخاك المسلم سواء في المناجاة أو غيرها فإنه منهي عنه.
[آداب المجلس وأحكامها]
١٣٨٣ - وعن ابن عمر رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه، ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا». متفق عليه.
قوله:«لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ... » الخ نهى النبي صلى الله وسلم عن ذلك لأن فيه عدوانًا على أخيه، وقوله:"الرجل" لا يعني: أن المرأة لا بأس أن تقيم أختها وتجلس مكانها لأن هذا مبني على الأغلب وما بني على الأغلب فلا مفهوم له، وقوله:«ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا» هل معناها ولكن يقول: تفسحوا ليطابق الآية وهي قوله تعالى: {يأيها الذين ءامنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم}[المجادلة: ١١]. أو إن هذا أمر من الرسول صلى الله عليه وسلم أننا إذا رأينا الرجل ليس له مكان ودخل علينا فإننا نتفسح ونتوسع، والثاني أقرب إلى ظاهر الحديث؛ لأن المعنى الأول يحتاج إلى تقدير والأصل عدم التقدير. [مرة ثانية] قال: ولكن تفسحوا وتوسعوا هل معنى الحديث ولكن يقول تفسحوا وتوسعوا، يؤيد ذلك قوله تعالى:{يأيها الذين ءامنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس}، أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى خبر من