ومن فوائد الحديث: علو الإيمان والإسلام على غيره ويتفرع منه ألا يقتل مسلم بكافر.
ومن فوائد هذا الحديث: أن من له عهد فهو معصوم لا يجوز أن يقتل في عهده ويستثنى من ذلك ما إذا نقض العهد أو يقال إنه لا استثناء ولكن مفهومه أنه إذا نقض العهد فإنه يقتل وهو كذلك، وعلى هذا فلا حاجة إلى أن نقول إنه مستثنى بل نقول إن مفهوم قوله "ولا ذو عهد في عهده" أنه إذا انتفض عهده فإنه يقتل وهكذا قال أهل العلم أنه إذا نقض المعاهد عهده بأي ناقض فإنه يحلُّ دمه وماله فلو أنه اعتدى على مسلم بأن زنى بامرأة مسلمة أو تلَّوط بغلام أو شرب الخمر علنًا أو ما أشبه ذلك، فإنه ينتقض عهده ويحلُّ دمه وماله.
ومن فوائد الحديث: أن العصمة تكون لغير المسلم؛ "ولا ذو عهد في عهده"، ففي أي شيء تكون العصمة؟ المعصومون أربعة المسلم والذمي والمعاهد والمستأمن وحينئٍذ نحتاج إلى معرفة الفرق بين هؤلاء، أما الفرق بين المسلم وغيره فظاهر، وأما الفرق بين ذي الذمة والمعاهد فذو الذمة تحت حمايتنا نحوطه ونكفُّ عنه الأذى ولا نعتدي عليه وهو من مسئوليتنا ولنا عليه الجزية نأخذها منه، وأما المعاهد فهو منفصل عنا هو في بلده لكنه لا يعتدي علينا ولا نعتدي عليه.
بقي الفرق بين المعاهد والمستأمن؛ الفرق أن العهد عقد بين طائفتين بين الأمة الإسلامية والأمة الكافرة فهو عقد عام لا يعتدي فيه أحد على أحد، وأما المستأمن فهو خاصُّ بفرد معين نعطيه الأمان حتى يبيع سلعته إن كان تاجرًا وحتى يسمع كلام الله إن كان يريد الإسلام وما أشبه ذلك لقوله تعالى:{وإن أحٌد من المشركين استجارك فأجره حتَّى يسمع كلام الله ثمَّ أبلغه مأمنه}[التوبة: ٦]. وكل هؤلاء الأربعة معصومون وعلى هذا فنقول لا يجوز قتل المعاهد ولا المستأمن ولا ذي الذمة لأن الكل منهم معصوم.
[الجناية على النفس]
١١١٩ - وعن أنس بن مالٍك رضي الله عنه:"أنَّ جاريًة وجد رأسها قد رضَّ بين حجرين، فسألوها: من صنع بك هذا؟ فلاٌن. فلاٌن، حتَّى ذكروا يهوديًّا، فاومأت برأسها، فأخذ اليهوديُّ، فأقرَّ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرضَّ رأسه بين حجرين". متفٌق عليه، واللَّفظ لمسلٍم.
"الجارية" هي الأنثى، وتطلق على الصغيرة وربما تطلق على الكبيرة، وقوله: "وجد رأسها