للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما هو الأصل في اللباس؟ الأصل فيه الحل، والدليل قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا} [البقرة: ٢٩]. ومما خلق: اللباس، فهو داخل في هذه الآية، ودليل آخر قوله تعالى {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} [الأعراف: ٣٢]. فأنكر الله تعالى على الذين يحرِّمون هذه الزينة، ولما كان الأصل في اللباس الحل احتاج أهل العلم أن يذكروا النصوص التي تفيد التحريم؛ لأن المحرم من اللباس أقل من المباح منه؛ فلهذا أتوا بالأدلة الدالة على تحريم اللباس والتحريم أنواع قد يكون تحريماً عارضًا، وقد يكون تحريمًا دائمًا، وقد يكون تحريمًا عامًا، وقد يكون تحريمًا خاصًا، فهناك أربعة أنواع: تحريم لازم، أو طارئ، أو عام، أو خاص.

مثال اللازم أو الطارئ: الأصل في الثوب أنه حلال، فإذا صورنا فيه صورة صار لبسه حرامًا، هذا التحريم طارئ أو لازم؟ طارئ.

العام يعني: الذي تشمل الذكر والأنثى، مثل أن يكون مصورًا يعني: فيه صور، فإن الذي فيه صور حرام على الرجال والنساء.

والخاص: كالحرير.

ثم هناك تحريم طارئ، أي تحريم يطرأ على الشيء لتعلق حق الغير به كالمغصوب فهذا الأصل فيه الحل؛ لكن لمَّا كان قد تعلق بحق الغير صار حراماً.

[تحريم الزنا والخمر والغناء]

٤٩٧ - عن أبي عامر الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليكوننَّ من أمَّتي أقوامٌ يستحلُّون الخزَّ والحرير)). رواه أبو داود، وأصله في البخاريِّ.

في البخاري بهذا اللفظ، وفيه زيادة: والخمر والمعازف)) قوله: ((ليكونن أقوام)) فهنا إشكال في فتح النون، ففي هذا الفعل المضارع بدون أن نجد ناصبًا ينصبه؟ لأن هذه الفتحة ليست فتحة إعراب وإنَّما فتحة بناء، وسبب بنائه اتصال نون التوكيد به، فإن قلت: نحن نعرف أن المؤكد بالنون إذا كان لجماعة فإنه يكون مضمونًا؟ نقول: إنه يضم إذا كان مسندًا إلى واو الجماعة، وليس اسم ظاهر. قال: ((ليكونن أقاوم من أمتي))، الأقوام جمع قوم، وقوم في الأصل للرجال، كما قال الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيرًا منهم ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يكن خيرًا منهن} [الحجرات: ١١]. وقال الشاعر [الوافر]:

وما أدري وسوف إخال أدري ... أقومٌ آل حصنٍ أم نساء

<<  <  ج: ص:  >  >>