للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٠ - باب الإقرار]

«الإقرار» مصدر أقر، ومعناه: الاعتراف واعلم أن الإنسان إما أن يقر بحق عليه، أو يقر بحق لهن أو يقر بحق لغيره على غيره، ثلاثة أقسام، إذا أقر بحق عليه فهو مقر وشاهد على نفسه، وإن أقر بحق على غيره، فهو مدع على غيره، وإن سماه إقرارا فهو دعوى، وإن أقر بحق لغيره على غيره فهو شاهد، شهد لفلان على فلان الإقرار بالحق الذي على الإنسان واجب، لقوله تعالى: {يا أيها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم} [النساء: ١٣٥]

فيجب على الإنسان أن يقر بالحق الذي عليه، ومن أقر ألزم بمقتضى إقراره قليلاً كان أو كثيراً بشرط أن يكون ممن ينفذ إقراره فيما أقر به، إذن لابد أن يكون بالغاً عاقلاً رشيداً، إذا كان إقراره بالمال أو بما يقصد به المال؛ لأن هذا هو جائز التصرف فلو أقر الصبي الصغير فقال: في ذمتي لفلان ألف ريال فإن إقراره لا يصح؛ لأنه لو تصرف بألف ريال ما قبل أو ما صح تصرفه فكذلك إقراره فلابد من أهلية المقر فيما أقر به، وإلا فلا يقبل، إذا رجع عن إقراره فهل يقبل منه الرجوع، نقول: أما في حق الآدمي فلا يقبل منه الرجوع، فلو قال: في ذمتي لفلان مائة درهم ثم رجع وقال: رجعت في إقراري وليس في ذمتي له شيء فإن إقراره لا يقبل، لأنه يثبت حق الآدمي عليه والآدمي رفع حقه مبني على المشاحة، ولا يمكن أن يقبل الرجوع إلا إذا وافق صاحب الحق على الرجوع فالحق له، وأما في حق الله فيقبل الرجوع في غير الحد مثل أن يقول: أنا لم أؤد الزكاة ث رجع، وقال: قد أديتها فإننا فيقبل الرجوع في غير الحد مثل أن يقول: أنا لم أؤد الزكاة ثم رجعن وقال: قد أديتها فإننا نقبل منه الرجوع ونكل أمره إلى دينه ولا نلزمه بأداء الزكاة، وكذلك لو قال: أنا لم أصم القضاء الذي علي من رمضان ثم رجع، وقالك قد قضيته فإننا لا نطالبه.

أما في الحدود فقد اختلف العلماء في ذلك: هل يقبل رجوعه ويرفع عنه الحد أو لا يقبل؟ هذا محل خلاف بين العلماء؛ فمنهم من قال: يقبل، ومنهم من قال: لا يقبل على الإطلاق، ومنهم من فصل فقال: إن قامت قرينة على كذبه في رجوعه فإننا لا نقبل منه الرجوع، وإن لم تقم قرينة فإنه يقبل، مثال ذلك: لو قامت قرينة على أنه عذب عند الإقرار بغير حق ثم رجع فهنا نقبل رجوعه، ولو قامت قرينة على أن رجوعه ليس بصحيح بحيث يكون قد وصف القضية فقال مثلا أنا قرعت الباب على هذه المرأة في الساعة الواحدة ليلاً، ودخلت عليها وفعلت بها الفاحشة وخرجت في الساعة الرابعة ليلاً؛ ونمت على سرير صفته كذا وكذا وكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>