أفضل، وإن لم تحتج إليه فهو رخصة وليس بأفضل، وبهذا تجتمع الأدلة وهو المشهور من مذهب الحنابلة.
[حالات الجمع بين الصلاتين في الحضر]
هل يجوز الجمع لرجل مصاب بسلس البول ويشق عليه الوضوء لكل صلاة؟ نعم، يجوز لأنه يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها، وقد أجاز النبي- عليه الصلاة والسلام- للمستحاضة أن تجمع، والاستحاضة نوعٌ من الحدث الدائم.
هل يجوز لامرأة ترضع أن تجمع لأنه يشق عليها أن تطهر ثيابها لكل صلاة؟ يجوز، ومن أوسع المذاهب في باب الجمع المذاهب المشهورة المتبوعة مذهب الإمام أحمد.
هل يجوز الجمع لإدراك الجماعة؟ يجوز، لأن الجمع للمطر من أجل الجماعة، إذ بإمكان كل واحد منهما أن ينصرف إلى بيته، وإذا دخل الوقت صلى في بيته، وعلى هذا إذا كنا جماعة في سفر وقدمنا إلى البلد أو قريب من البلد، وعرفنا أننا إذا تفرقنا صلينا فرادى، وما دمنا مجتمعين نُصلي جماعة، فنقول: الأفضل أن تصلوا جماعة جمعًا.
ويُستفاد من هذا الحديث عدة فوائد: أولًا: جواز الجمع لمن جدّ به السير في السفر.
ثانيًا: أن الأفضل فعل الأرفق بهم من جمع التقديم أو التأخير.
ثالثًا: حسن رعاية النبي صلى الله عليه وسلم لمن معه، كيف ذلك؟ لأنه إذا ركب قبل زوال الشمس أخّر الظهر، وإن ركب بعد زوال الشمس قدّم العصر، وهذا من حسن رعايته لأمته- عليه الصلاة والسلام-.
ومن فوائد الحديث: هل يستفاد من هذا الحديث وجوب صلاة الجماعة في السفر؟ هل تظنون أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- يصلي وحده في السفر؟ ما نظن، لكن وجوب الجماعة في السفر هذا هو الذي قد يُناقش فيه، أما مشروعية الجماعة في السفر فلا شك فيها وتُؤخذ من هذا الحديث؛ لأن من لازم [قيام] الرسول بفعل أن يفعله الصحابة.
ويبقى علينا هل نقول: إن هذا على سبيل الوجوب بناءً على الأصل، أو نقول: على سبيل الاستحباب؛ لأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب؟ الظاهر الأول أنه يدل على الوجوب؛ لأن الأصل في الجماعة الوجوب، ويؤيد ذلك قوله تعالى في سورة النساء:{وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم .... } إلخ الآية [النساء ١٠٢]، وهذا في السفر، وفي الحرب أيضًا، وهذا هو الحق بلا شك، بمعنى: أنه تجب صلاة الجماعة حتى في السفر، إذا كان المسافر قد مرّ في بلد وأقام فيها يومًا أو يومين هل تلزمه الجماعة في المساجد، أو للمسافرين أن يجمعوا في مكان رحلهم؟ إن قلنا بوجوب حضور المساجد