للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٩٣٥ - ولأبي داود: عن أبي هريرة قال: «ما تحفظ؟ قال: سورة البقرة والتي تليها. قال: قم فعلمها عشرين آية».

«ما» هذه استفهامية، يعني: أي شيء تحفظ من القرآن؟ قال: «سورة» بالنصب من أجل أن يطابق الجواب السؤال كقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: ٢١٩]. بالنصب، فإذن الصواب سورة البقرة ... إلخ. ولكن هذا اللفظ الذي رواه أبو داود يعارض اللفظ الذي في الصحيحين لأن ظاهر لفظ الصحيحين أنه زوجها بكل ما معه وهذا يقول: «علمها عشرين آية»، فالظاهر أن هذه اللفظة غير محفوظة.

[إعلان النكاح]

٩٣٦ - وعن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه (رضي الله عنهم)، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «أعلنوا النكاح». رواه أحمد، وصححه الحاكم.

«أعلنوا» لخطاب للأمة، والإعلان هو الإظهار، وضده الإسرار، وقوله: «أعلنوا النكاح» يشمل إعلان عقده وإعلان الدخول، أي: أنه يشمل العقد والدخول الذي فيه تُسلّم المرأة للرجل، وإنما أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بإعلان النكاح لما فيه من الفوائد.

* فمن فوائد إعلان النكاح: أنه يتضح به الفرق بين النكاح والسفاح؛ لأن السفاح -الذي هو الزنا- إنما يكون خفية وسرا، فبإعلان النكاح يتميز الفرق بين هذا وهذا.

ومن فوائده إعلان الشعيرة الفطرية الشرعية وهي النكاح؛ لأن النكاح يقتضيه الشرع والفطرة والجبلة التي جبل الله عليها الخلق.

ومنها: أنه يكون فيه تشجيع للاقتداء به والتآسي، فإنه إذا انتشر اقتدى به أمثاله وتزوجوا كما تزوج مثيلهم.

ومنها أيضا: أنه ربما يكون عند أحد علم برضاع بين الزوج والزوجة، فإذا أشهر وأعلن وتبين فإنه يندفع بذلك مفسدة أن يتزوج ثم يدخل ثم يأتي بأولاد ثم بعد ذلك تظهر الشهادة.

هذه فوائد إعلان النكاح الذي أمر به النبي (صلى الله عليه وسلم) وقوله: «أعلنوا» أمر، والأصل في الأمر الوجوب، ولكن لا يُعلم به قائل من أهل العلم، أي: بوجوب إعلان النكاح، وعلى هذا فيكون الأمر للاستحباب، والصارف له أنه لم يقل به أحد من أهل العلم، فيكون للاستحباب، واعلم أن النكاح أتم ما يكون إذا اجتمع فيه الإشهاد والإعلان هذا أتم ما يكون، فإن اجتمع الإشهاد

<<  <  ج: ص:  >  >>