٤٠٨ - وعن عائشة رضي الله عنها:"أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السَّفر ويتمُّ، ويصوم ويفطر" رواه الدَّارقطنيُّ، ورواته ثقات؛ إلا أنَّه معلولٌ.
- والمحفوظ عن عائشة من فعلها، وقالت:"إنَّه لا سشقُّ عليَّ". أخرجه البيهقيُّ.
هذا الحديث تقول عائشة:"إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يقصر في السفر ويتم، ويصوم ويفطر"، فهاتان جملتان؛ الجملة الأولى:"يقصر ويتم"، والجملة الثانية:"يصوم ويفطر"، أما الثانية فنعم كان الرسول صلى الله عليه وسلم في سفره يصوم ويفطر فإنه صلى الله عليه وسلم خرج مع أصحابه في عدة مرات في رمضان وكان يصوم، ثم لما رأى الناس قد شق علهم الصيام أفطر وأفطر الناس، وكان أصحابه أيضًا منهم الصائم ومنهم المفطر، ولا يعيب أحدهم على الآخر.
وأمَّا قولها:"يقصر ويتم" فهذا منكر وليس بصحيح، ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتم يومًا من الأيام في سفه، بل كان يلازم القصر، وهذا أمر معروف مشهور.
ولهذا نقول: إن هذا الحديث -كما قال المؤلف- معلول، وإن كان لرواته ثقات؛ لأن الراوي قد يهم وإن كان ثقة وليس معصومًا من الخطأ.
وقوله:"والمحفوظ عن عائشة من فعلها"؛ إذن فيكون الحديث الأول إذا كان هذا يقابلهن وهو المحفوظ يكون الأول في اصطلاح المحدثين شاذًا؛ لأن المحفوظ يقابله الشاذ.
وقالت:"إنه لا يشق عليَّ"، فيكون فعلها مبنيًا على التأويل، وهي أنها رضي الله عنها ظنَّت أن سبب قصر الصلاة هو المشقة ورأت أنه لا يشق عليها ذلك فأتمت ولكن هذا التأويل في مقابلة النص، وما كان في مقابلة النص فإن مردود على قائله كائنًا من كان، وجه ذلك: أنه كان في مقابلة النص لأنه ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يقصر في جوف مكة، ومثل هذا لا يشق عليه، وثبت عنه أنه كان يقصر في حجة الوداع في منى وهو آمن وليس عليه مشقة، وحكم القصر لم يعلق بلامشقة حتى نقول: أنه إذا انتفت المشقة اانتفى القصر، وإنما هو معلق بماذا؟ بالسفر، فمتى وجد السفر فإن الحكم يثبت، ولو كان الإنسان مسافرًا على طائرة أو سيارة مبردة، أو ينزل في فندق في أثناء إقامته فإنه يثبت له حكم المسافر؛ لأن الحكم معلق بالسفر نفسه.
إذن هذا الحديث يستفاد منه: أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- في السفر يصوم ويفطر، وهذا ثابت من غير هذا الحديث.
ويستفاد منه: أن عائشة رضي الله عنها كانت تتم وتقصر، وتعلل الإتمام بأنه لا يشق عليها.