يبيعه، فهو لا يريد السلعة بعينها إنما يريد قيمتها وربحها، وهذا هو الدليل على وجوب زكاة العروض؛ لأن مالك العروض لا يريد إلا القيمة فقط، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"؛ ولهذا تجد الذي يشتري العروض، اذا اشترى بيتًا مشيدًا جميلًا من أحسن البيوت للتجارة وعرضه على الناس للبيع فقال له واحد من الناس: يا رجل، هذا لا تجد مثله لا تفرط فيه ماذا تكون نيته؟ يعتقد الآن أنه صار خاصًّا به، وليست نظرته الآن إليه كنظرته السابقة، ففرق بين عروض التجارة وبين الأشياء التي يختصها الإنسان لنفسه من الأعيان كالعبد والفرس، فالصواب: أنه ليس فيه دليل على سقوط الصدقة في عروض التجارة.
للإمام أن يأخذ الزكاة قهرًا ويعاقب المانع:
٥٧٦ - وعن بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدِّه- رضي الله عنهم- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في كلِّ سائمة إبلٍ: في أربعين بنت لبونٍ، لا تفرَّق إبلٌ عن حسابها، من أعطاها مؤتجراً بها فله أجرها، ومن منعها فإنَّا آخذوها وشطر ماله، عزمةً من عزمات ربِّنا، لا يحلُّ لآل محمدٍ منها شيءٌ". رواه أحمد، وأبو داود، والنسائيُّ، وصحَّحه الحاكم، وعلَّق الشَّافعيُّ القول به على ثبوته.
هذا الحديث- حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده- اختلف فيه المحدثون هل هي ترجمة مقبولة أو غير مقبولة؟ فمنهم من ضعفها، وسبب تضعيفهم إياها: حديثه هذا؛ لأنهم استنكروا العقوبة بالمال فمن أجل ذلك ضعفوه، وقالوا: لولا حديثه هذا لكان حديثه حسنا أو موثوقًا، لكن الإمام أحمد رحمه الله وإسحاق بن راهويه قبلوا حديثه وصححوه، وقالوا: إن هذا الحديث لا يوجب الطعن في الرَّجل؛ لأن هذا الحديث ليس منكرًا متنًا، إذ إن له نظائر في الشريعة، فلا يمكن أن يعلَّل الرجل أو أن يقدح في الرجل بسببه، قال ابن القيم: والقدح في هذا الرجل بسبب هذا الحديث معناه الدوران وهذا صحيح، والدَّور عند أهل العلم باطل؛ لأننا إذا أبطلنا الحديث بالرجل وأبطلنا الرجل بالحديث صار الدور، والصحيح ما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل أن الرجل لا مطعن فيه، وأن هذا الحديث جارٍ على قواعد الشريعة كما سيتبين- إن شاء الله-.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"في كل سائمة إبل"، وقد سبق لنا معنى السائمة وهي التي ترعى المباح