للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز وجل فتنقض عبوديته لله، والله تعالى وصفه بالعبودية مطلقة سواء أزهر أثر النعمة أم لم يظهرها، ولهذا مرَّ علينا أن العبودية تنقسم إلى قسمين: عامة، وخاصة، فالعامة: تشمل المؤمن والكافر، والبر والفاجر، ومنها قوله تعالى: {إن كلُّ من السَّموات والأرض إلَّا ءاتى الرَّحمن عبدًا} [مريم: ٩٣]. والخاصة: هي التي تختص بمن عبده عبودية طاعة وتذلل، وهي خاصة بالمؤمنين المنقادين لأمره، ومنها قوله تعالى: {وعباد الرَّحمن الَّذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} [الفرقان: ٦٣].

ومن فوائد الحديث: أنه يجوز لمن أنعم الله عليه بالمال أن يلبس الثياب المناسبة لحاله، الثياب الجميلة الجيدة النوع بحسب ما تقتضيه حاله من الغنى؛ لأنه داخل في قوله: ((إذا أنعم على عبده نعمةً))، فإن ((نعمة)) هذه نكرة في سياق الشرط، ((إذا أنعم نعمة)) فتكون للعموم، أي نعمة ينعم بها عليك ينبغي ان تري ربك عز وجل أثر هذه النعمة. هذا الحديث يجب أن يقيد بقوله تعالى: {ولا تسرفوا إنَّه لا يحبُّ المسرفين} [الأعراف: ٣١].

وفي الحديث: إثبات الرؤية لله عز وجل ورؤيته- سبحانه وتعالى- شاملة لكل شيء يرى- سبحانه وتعالى- دبيب النمل الأسود على الصخرة السوداء في ظلمة الليل، ويرى الحبات الصغيرة في باطن الأرض، وفي قاع البحار، وهكذا بقية صفاته.

فإن قلت: هل هذا النظر صفة إدارية فعلية اختيارية أو لا؟

فالجواب: أن منه ما يكون كذلك، ومنهم ما يكون عامًا كسائر الصفات، وكذلك سمعه، ولهذا جاء في بعض النصوص: ((لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)). فالنظر الذي هو نظر الرحمة والتأييد والنصر لا يشمل كل أحد، وأما النظر الذي هو نظر الإحاطة فإنه عام شامل لكل شيء لا يشذ عنه شيء أبدًا، وبهذا نجمع بين النصوص العامة في ثبوت الرؤية مثل: {وهو السميع البصير} [الشورى: ١١]. وبين النصوص التي تنفي الرؤية عن بعض الأشياء، بأن نقول: إن الرؤية المنفية هي الرؤيا الخاصة التي تقتضي اللطف، والإحسان، والنصر، والتأييد، هذه لا تكون لكل أحد، وأمَّا الرؤيا التي هي رؤيا الإحاطة فإنها رؤيا شاملة لا يشذ عن بصر الله تعالى شيء.

النهي عن لبس القسيِّ والمعصفر:

٥٠٤ - وعن عليَّ رضي الله عنه: ((أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسيِّ والمعصفر)). رواه مسلمٌ.

قوله: (نهى)) النهي هو: طلب الكف على سبيل الاستعلاء، والأصل فيما نهى الله ورسوله عنه التحريم؛ لأن النهي أمر بالكف، وقد قال الله تعالى: {فليحذر الَّذين يخالفون عن أمره أن

<<  <  ج: ص:  >  >>