وعلم من هذا الحديث قبول شهادة البدوي، وهذا أيضا مقيد -أعني: قبول الشهادة- بما إذا لم يكن بينهما عداوة كالعداوة التي تكون بين القبائل في الغالب.
ومن فوائد الحديث: قبول شهادة صاحب القرية على صاحب القرية، وهل لابد أن يكون من قريته أو لو كان من قرية مجاورة؟ الثاني.
ومن فوائد الحديث: قبول شهادة صاحب القرية على البدوي، وهذا مأخوذ من المفهوم لا تجوز شهادة البدوي على صاحب القرية، فمفهومه: أن صاحب القرية على البدوي شهادته مقبولة، لكن كما قلنا: إن هذا مقيد بما إذا لم يكن هناك تهمة، فصار المدار كله في هذه الأشياء على التهمة، بمعنى: أن يكون الشاهد يجر إلى نفسه نفعا ولو بالتشفي من عدوه أو يدفع عنها ضررا.
[العبرة في عدالة الشاهد بما يظهر]
١٣٤٤ - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب فقال:«إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم». رواه البخاري.
عمر بن الخطاب يتكلم بهذا الكلام حين ولايته بدليل قوله:"وإنما نأخذكم ... إلخ". يقول:"إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي"، كأنه يشير رضي الله عنه إلى بعض المنافقين الذين علمهم النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر بهم من أخبر من أصحابه مثل حذيفة بن اليمان صاحب السر، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلمه بأسماء أناس بأعيانهم من المنافقين، يقول: "يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وحي الله عز وجل، وإن الوحي قد انقطع بماذا؟ بموت الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فمن ادعى أن الله أوحى إليه شيئا بعد موت الرسول فهو كاذب؛ لأن الوحي انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم دون ما بطن؛ لأن ما بطن علمه عند الله، ولا يمكن أن يؤخذ الإنسان به.
ففي هذا الحديث فوائد: أولا: ثبوت علم الله بمن يخالف قلبه ما ظهر من جوارحه ولهذا يخبره الله عنهم.
ومن فوائده: أن الله تعالى قد يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم عن أناس ظواهرهم تخالف بواطنهم بالوحي.
ومن فوائد الحديث: أنه لا وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الرؤيا الصادقة إذا ظهرت القرائن على صدقها فإنه يؤخذ بها، لكن بشرط أن يكون هناك قرائن، ومثلوا لذلك بعمل أبي بكر بوصية ثابت بن قياس بن شماس، ثابت بن قيس بن شماس قتل في غزوة اليمانية ومر به