حلال، وحملوا حديث ابن عباس على أن الذي أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الحجام مكافأة، ولكن في النفس من هذا شيء؛ لأن ابن عباس قال: أعطى الحجام أجره، ولم يقل: كافأه، والأصل حمل اللفظ على ظاهره إلا بدليل على خلاف ذلك.
[التحريز من منع الأجير حقه]
٨٧٢ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله عز وجل: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفي منه ولم يعطه أجره». رواه مسلم.
قوله:"أنا خصمهم" يعني: أنا الذي أخاصمهم، ومن المعلوم أن من كان خصمه الله فهو مخصوم، كما أن من كان محاربًا لله فهو مهزوم، وقوله:"ثلاثة أنا خصمهم" ليس المراد ثلاثة أعيان بل المراد: ثلاثة باعتبار الجنس والوصف، قد يكون ثلاثة ملايين.
وقوله:"أنا خصمهم يوم القيامة" بينه، "يوم القيامة" هو اليوم الذي يبعث فيه الناس، وسمي يوم القيامة؛ لأنه يقام فيه العدل، ويقوم فيه الأشهاد، ويقوم الناس من قبورهم.
الأول:"رجل أعطى بي" يعني: أعطى العهد، أي: عاهد بالله على شيء من الأشياء ثم غدر مثل أن يقول: لك علي عهد الله ألا أخبر بما قلت لي ثم يخبر، فهذا أعطى بالله ثم غدر، أو يعطيه شيئًا أمانة فيقول: لك على عهد الله ألا أخون هذه الأمانة، ثم يخون، هذا أيضًا غدر بالعهد، فكل من أعطى شيئًا بالله ث غدر فهو داخل في هذا الحديث؛ لأنه انتهك ذمة الله، فكان الله خصمه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبعث البعوث:«إذا حاصرت أهل حصن فأرادوا أن تنزلهم على ذمة الله وذمة رسوله فلا تنزلهم على ذمة الله وذمة رسوله، ولكن أنزلهم على ذمتك وذمة أصحابك فإنكم إن تخفروا ذممكم أهون من أن تخفروا ذمة الله ورسوله»، فإذن نقول: إنما كان الله خصمه؛ لأنه غدر بذمة الله وعهد الله.
الثاني:"رجل باع حرًا فأكل ثمنه" استولى على حر وباعه على أنه عبد مملوك فأكل ثمنه، وإنما كان الله خصم هذا؛ لأن الحرية من حقوق الله، فالله - سبحانه وتعالى - خلق الخلق أحرارًا، فإذا استرق الإنسان أحدًا بغير سبب شرعي كان قد انتهك حرمة من حرره عز وجل واسترقه، ولهذا نقول أن الحق في الحرية، والعبودية لله عز وجل، لا يمكن لأحد أن يسترق بشرًا إلا حيث أذن الله في نقول أن الحق في الحرية، والعبودية لله عز وجل، لا يمكن لأحد أن يسترق بشرًا إلا حيث أذن الله في ذلك، أما أن يستولي على حر ويبيعه ويأكل ثمنه فالله تعالى خصمه؛ لن الحرية من حقوق الله