لعله: قد لا يحقق هذا الشيء، وما ذكره الشيخ رحمه الله أقرب إلى الصواب، والأول أقرب إلى القواعد، فإن الذي أراد التحقيق يقول: إني لم أرد التعليق إطلاقا ولا أردت أن يكون الأمر راجعا إلى مشيئة، لكن ذكرت المشيئة تبركا وتحقيقا فقط، فهو إلى القواعد أقرب، لكن رأي شيخ الإسلام رحمه الله إلى ظاهر الحديث أقرب.
[نية الاستثناء لا تغني في اليمين إلا بالتلفظ به]
وقوله:«فقال إن شاء الله «ظاهر الحديث أنه لابد من القول باللسان، وأن نية الاستثناء لا تغني شيئا، فلو قال: والله لأفعلن كذا ومن نيته أنه بمشيئة الله فإن ذلك لا ينفعه لقوله فقال.
ومن فوائد الحديث: أنه لابد أن يكون هذا القول مقارنا لليمين؛ لقوله: «فقال: إن شاء الله»، فصل عن اليمين فإنه لا ينفع؛ وذلك لأنه إذا فصل عن اليمين لم يكن الكلام متصلا، وإذا لم يكن الكلام متصلا صار كلامين لا كلاما واحدا، فلو قال: والله لأزورن فلانا الليلة، وبعد ربع ساعة قال: إن شاء الله فإن ذلك لا ينفعه.
واختلف العلماء-رحمهم الله- هل يشترط في هذا أن ينوي الاستثناء قبل تمام المستثنى منه، أي: أن ينوي أنه مقرون بمشيئة الله قبل أن يتم الكلام أو لا يشترط؟ فمن العلماء من قال: يشترط أن ينويه قبل أن يتم الكلام، فإذا قال: والله لأزورن فلانا الليلة إن شاء الله لابد أن ينوي إن شاء الله قبل قوله: الليلة، ولكن ظاهر السنة خلاف ذلك، وأنه لا تشترط نيته، بل لو أنه ذكر بعد أن أتم الكلام فله أن يستثني، ودليل ذلك قصة سليمان حيث قال: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل: إن ةشاء الله، فلم يقل، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لو قالها لولدت كل واحدة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله».
وعلى هذا فإذا أقسم عليك أخوك وقال: والله لتدخلن وفتح لك الباب وقال: تفضل فقلت: لا، وقال: والله لتدخلن، فقيل له: قل إن شاء الله، فقال إن شاء الله هل يحنث؟ لا يحنث على القول الراجح؛ لأنه قال: إن شاء الله، فإن قال: لا اقول إن شاء الله فهل يحنث؟ يحنث، لكن الكفارة على الحالف الذي هو صاحب البيت لا على من حنثه؛ لأنه هو السبب إلا أنه ينبغي للإنسان أن يبر المقسم وألا يحنثه، إلا إذا كان هناك ضرورة فلا بأس، وإلا ففي مثل هذه الحال ادخل؛ لأنه من مكارم الأخلاق، بل أنت ماجور عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإبرار المقسم.