للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنها واجبة؛ والصحيح أنها واجبة، وأنه يجب على الإنسان إذا أكل أو شرب أن يسمي؛ وذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم به، حتى إنه أمر الغلام الصغير وهو عمر بن أبي سلمة حين كان يأكل مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك وكل مما يليك»، ولأن الإنسان إذا ترك التسمية شاركه الشيطان في أكله، فيشاركك أعدى عدو لك في أكلك إذا لم تسم، وإذا سميت صارت تسميتك حصنا منيعاً تمنع الشيطان من مشاركتك، فالصواب: أن التسيمة على الأكل والشر واجبة.

فإن قال قائل: إذا نسيت أن أسمي في أول الأكل وذكرته في أثنائه فماذا أصنع؟

نقول: قل: باسم الله أوله وآخره كما جاء في الحديث، واستمر فإذا انتهى الإنسان من الأكل ولم يذكر إلا بعد أن انتهى ماذا يقول؟ يقول: الحمد لله؛ لأن التسمية فات محلها، وقد قال الله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: ٢٨٦].

[فائدة: حكم اللحوم المستوردة من بلاد الكفار]

ومن فوائد الحديث: أن هذه الشريعة مسيرة؛ حيث إننا لا نطالب بالسؤال عن فعل غيرنا؛ لأننا لو طولبنا للحقتنا بهذا مشقة عظيمة، أذكر لكم مثالا: وجدنا لحما يباع في السوق لو كان يلزمنا أن نبحث لبحثنا عن الذابح هل هو يصلي أو لا يصلي، ثم بحثنا هل سمى أم لم يسم؟ ثم بحثنا هل أنهر الدم أم لم ينهر الدم؟ ثم بحثنا عن الذبيحة هل هي ملك له أو لمن استنابه في ذبحها أو لا؟ ثم إذا قال: هي ملك لفلان، نقول: من أين جاءته؟ اشتراها من فلان، وهل فلان هو مالك حين باعها أو قائم مقام المالك؟ قالوا: نعم، ثبت، قلنا: ممن اشتراها؟ قالوا: من فلان، فهل هو مالك، إلى أن نصل أول ما خلق الله الذبائح، لكن من نعمة الله عز وجل أن فعل غيرنا لا نكلف به.

يبقى عندنا الآن هذه الذبائح التي تردنا من الخارج هل من الحق أن نسأل من الذابح؟ نعم، إذا كانت وردت من بلاد يمكن أن يتولى ذبحها من يحل ذبحه أو من لا يحل فلابد أن نسأل عن الذابح، إذا قيل لنا: الذابح من أهل الكتاب هل لنا أن نسأل كيف يذبح؟ لا، هل سمي؟ لا هل ذكر اسم المسيح أو غيره؟ لا؛ لأنه ما دام ثبت عندنا أنه ممن يحل ذبحه فليس لنا أن نسأل كيف ذبحها ولا هل سمى أو لا؟ ويعتبر السؤال عن هذا من باب التعنت والتنطع.

فإن قال قائل: هو ورد من دولة فيها أهل كتاب وفيها مشركون وفيها ملحدون، نسأل من الذي يتولى الذبح، إذا قالوا: الذي يتولى ذبحها في المذابح كتابيون ماذا نقول؟ هي حلال

<<  <  ج: ص:  >  >>