ثم هاهنا مسائل في هذا الباب، أولًا: لو أدركت الوقت وهو في البلد وسافر بعد دخول الوقت فهل نقول: إن صلاته الآن صلاة مسافر أو صلاة مقيم؟ هذا فيه خلاف بين العلماء؛ قال بعضهم: إنها صلاة مقيم؛ لأنه خوطب بها في حال الإقامة فيلزمه أن يتم، وقال بعض أهل العلم: لا يلزمه الائتمام بل له أن يصلي قصرًا؛ لأن الاعتبار في الصلاة بفعلها وهذا إنما فعلها بعد أن خرج، والآية مطلقة:{وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصَّلاة}[النساء: ١٠١] لم يستثن الله حالًا دون حال، هذا الرجل ضرب في الأرض وأراد أن يصلي فإنه يصلي ركعتين فقط كما أنه بالعكس يصلي أربعًا، ما معنى قولنا: بالعكس؟ لو دخل عليه الوقت وهو مسافر ثم قدم إلى البلد في الوقت فيصلي صلاة مقيم، لأن العبرة بفعل الصلاة وقد صلاها في الحض فيلزمه أن يصلي صلاة مقيم، وهذا القول هو الراجح أن المعتبر فعل الصلاة، كما أنه مثل هذه المسألة لو ذكر صلاة سفر في حضر ماذا يصير؟ يصلي ركعتين فقط، والمشهور من المذهب أنه يصلي أربعًا، والصواب أنه يصلي ركعتين فقط، لأن هذه الصلاة وجبت عليه ركعتين فيصلي كعتين، ولوو ذكر صلاة حضر في سفر يصلي أربعًا؛ لأن الصلاة وجبت عليه رباعية فيجب عليه أن يصلي أربعًا، المذهب يلزمه الائتمام في الصلاة كلها هذه؛ لأنهم يغلبون جانب الحضر -رحمهم الله-، ثم قال المؤلف:
- وللبخاريِّ:"ثمَّ هاجر، ففرضت أربعًا، وأقرَّت صلاة السَّفر على الأوَّل".
هاجر من مكة إلى المدينة، وكان عمره حين هاجر ثلاثًا وخمسين سنة هاجر فأقرت صلاة السفر الأول، يعني: على الفرض الأول "وزيد في الحضر".
هذا استثناء، هاتان الصلاتان ما تغيرتا، المغرب ثلاثسة، لماذا؟ لأنها وتر النها؛ ثم إن قصرها كيف تكون؟ ما يمكن إذا جعلنا القصر مناصفة؛ لأن ثلاث ركعات معناها أن النصف ركعة ونصف وهذا لا يستقيم، لكن قد يقول قائل: إنها تقصر إلى ركعتين؟ فيقال تفوت الوترية وهي قولها:"وتر النهار"، وقالت "وتر النهار" احترازًا من وتر الليل، وهو الوتر الذي تختم به صلاة الليل، وقالت:"إلَّا الصبح فإنها تطوَّل فيها لاقراءة" يعني: يشرع فيها التطويل؛ يعني: كانت ركعتين وبقيت ركعتين فعوضت عن الزيادة بطول القراءة، وعليه فيكون القصر في الرباعية فقط، وهي الظهر، والعصر، والعشاء الآخرة.