للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فاقرءوا {بسم الله الرحمن الرحيم} فإنها إحدى آياتها" هذا لو صح عن النبي صلى الله عليه وسلم لكان مشكلًا، وجه الإشكال: أنه يخالف عمل النبي صلى الله عليه وسلم الذي بقي إلى موته واستمر عليه الخلفاء الراشدون، لكن الحمد لله أنه لم يصح وأنه موقوف، وإذا كان موقوفًا فهو من قول أبي هريرة.

[شروط كون قول الصحابي حجة]

ومعلوم أن قول الصحابي ليس بحجة؛ لأن العلماء اختلفوا في قول الصحابي هل هو حجة أو لا؟ فمنهم من قال: إن قوله في التفسير حجة بكل حال حتى ألحقهم بعضهم بالمرفوع كالحاكم رحمه الله، مثلًا قوله تعالى: {ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم} [لقمان: ٦]. أقسم ابن مسعود أن ذلك هو الغناء، فهل نقول: إن تفسير ابن مسعود لهذه الآية بالغناء مرفوع؟ يرى بعض العلماء ذلك أن تفسير الصحابي للقرآن بمنزلة المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فيكون حجة، وقد سبق لنا في التفسير أن المرجع في تفسير القرآن إلى القرآن، ثم السنة، ثم إلى أقوال علماء الصحابة.

ومن العلماء من قال: إن قول الصحابي ليس بحجة مطلقًا سواء في تفسير آية أو في حكم، لأنه لا معصوم إلا محمد صلى الله عليه وسلم، والصحابي يجوز عليه الخطأ، ويجوز ألا يرفع خطؤه بوحي، وعلى هذا فلا حجة.

ومنهم من فرق بين علماء الصحابة وفقهائهم فقال: إن قولهم حجة دون غيرهم، وأنتم تعلمون أن الأعرابي لو جاء إلى بعيره وأناخها عند النبي صلى الله عليه وسلم وشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله وانصرف إلى أهله لكان صحابيًا، فهل مثل هذا يحتج بقوله في أمور الدين وأحكام الدين؟ يرى بعض العلماء أن الخلاف الذي حصل بين العلماء يستثنى منه هذه المسألة، لأن مثل هذا ليس عنده من الفقه ما يجعل قوله حجة، لكن العلماء الفقهاء من الصحابة قولهم حجة لأنهم أقرب إلى الصواب من غيرهم، وعلى هذا القول لابد من شروط:

الشرط الأول: ألا يخالف النص، فإن خالف النص فإنه مردود حتى لو كان قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، لأن الحجة بما قاله الله ورسوله.

وعلى هذا لو قال قائل: هل يمكن أن أحدًا من هؤلاء الأئمة الأعلام الخلفاء الراشدين يخالف النص؟

الجواب: نعم ممكن، لكن نعلم علم اليقين أنه لن يخالف النص عمدًا هذا مستحيل لما نعلم من أحوالهم لكن قد يخالفه خطأ، وأمثلة هذا كثيرة، وانظر إلى حديث الطاعون -أعاذنا الله وإياكم والمسلمين منه- حينما صار أمير المؤمنين عمر إلى الشام، في أثناء الطريق قالوا له: يا أمير المؤمنين، وقع في الشام طاعون يموت في اليوم آلاف كيف تقدم بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>