أليتاه عقبية- فإنه في هذا الحال يجلس، يعني: يستقر في جلوسه، ثم لا يجب عليه سجود السهو؛ لأنه لم يزد في صلاته ما زال على حد الجلوس فلا يكون عليه سجود سهو؛ فالفقهاء يقولون من قام عن التشهد الأول فله ثلاث حالات:
- إما ألا ينهض، يعني: يعزم ويتهيأ ولكن ما ينهض، فهذا يأتي بالتشهد ولا شيء عليه؛ لأنه ما زاد في صلاته ولا نقص.
- وإما أن ينهض ولا يستتم، فهذا يجب عليه الرجوع وسجود السهو.
- وإما أن يستتم فهم يقولون أيضًا: إن شرع في القراءة حرم الرجوع، وإن لم يشرع كره الرجوع، ومع ذلك فعليه السجود هنا لأنه ترك التشهد.
أما الحديث فإنه يقتضي أن يكون لتارك التشهد الأول حالان فقط: إما أن يذكر بعد أن يستتم قائمًا فلا يرجع وعليه سجود السهو، أو يذكر قبل أن يستتم قائمًا فيرجع وليس عليه سجود السهو، فإن صح الحديث- كما قال الطحاوي- فهو حجة، ولا قول لأحد بعد قول الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وإن لم يصح فإن ما ذكر الفقهاء- رحمهم الله- هو الصواب؛ لكن نرى أنه إذا استتم قائمًا لا يرجع مطلقًا، يعني أن الرجوع حرام عليه.
[حكم سهو الإمام والمأموم]
٣٢٣ - وعن عمر (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه". رواه الترمذي والبيهقي بسندٍ ضعيفٍ.
هذا الحديث- كما قال المؤلف-: سنده ضعيف، لكن إذا رجعنا إلى الأصول وجدنا أن أصول الشريعة تشهد له، فالمأموم إذا سها ولم يجب عليه إلا سجود السهو فإن الإمام يتحمله عنه، بشرط ألا يفوته شيء من الصلاة؛ وذلك لأن الإنسان المأموم مأمور بمتابعة الإمام، حتى إن الإمام إذا قام عند التشهد الأول- وهو من واجبات الصلاة- سقط عن المأموم، وجب عليه متابعة إمامه؛ كذلك إذا سها المأموم ولم يجب عليه في سهوه هذا إلا سجود السهو ولم يفته شيء من الصلاة فإنه يسقط عنه السجود، فصار سجود السهو يسقط عن المأموم بشرطين: الأول: ألا يوجب سهوه سوى السجود، والثاني: ألا يكون قد فاته شيء من الصلاة، وفي هذه الحال يتحمل الإمام عنه سجود السهو؛ لأنه لو سجد معناه: أنه خرج عن متابعة الإمام، أما إذا كان سهو المأموم يوجب أكثر من سجود السهو كما لو سها المأموم عن قراءة الفاتحة مثلًا