أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نقول: وعليكم، وقال:«إن اليهود يقولون: السام عليكم»، فإذا سلموا فقولوا وعليكم، قال بعض العلماء: وهذا يدل على أنه إذا سلموا بسلام صريح قالوا: السلام عليكم فلا حرج أن تقول: وعليكم السلام.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز أن نتفسح لمن قابلنا من اليهود والنصارى بل نجعل الضيق عليهم؛ لقوله:«فاضطروهم إلى أضيقه» وغير النصارى من باب أولى، وهل يجوز لنا أن نضيق عليهم، بمعنى: أن نزحمهم حتى نلجئهم إلى الجدار؟
الجواب لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده اليهود في المدينة ولم ينقل أنهم إذا لاقوا اليهودي رصوه على الجدار ولا تليق هذه المعاملة بالمسلم، لكن المهم لا نكرمهم بالتفسح لهم.
[تشميت العاطس]
١٣٨٨ - وعنه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل له: يهديكم الله، ويصلح بالكم». أخرجه البخاري.
"العطاس": معروف، قال أهل العلم: العطاس ريح تتخلل البدن من نعمة الله على العبد أن يخرجها، فمن ثم صار يحمد الله هذا من وجه، من وجه آخر أن العطاس دليل على النشاط بخلاف التثاؤب، فالعطاس دليل على النشاط وهو إخراج ريح محتبسة بقاؤها يضر بالبدن فناسب أن يقول الإنسان: الحمد لله والحمد معناه: وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم ولو مرة واحدة فإذا وصفت أحدًا بصفة كمال مع محبتك وتعظيمك له فإن هذا حمد فإن كرر الصوف - وصف الكمال - صار ثناء وبدل لهذا قوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى:«قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين قال: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال مالك يوم الدين قال: مجدني عبدي»، ففرق الله تعالى بين الحمد والثناء وإذا كان حمدًا بلا محبة ولا تعظيم ولكنه استجداء واستعطاف فهذا لا يسمى حمدًا وإنما يسمى مدحًا، وفي هذا دليل على عمق اللغة العربية فالحروف واحدة مدح حمد لكن بتقديم بعضها على بعض يختلف المعنى، وقوله الحمد لله "اللام" هنا هل هي للاستحقاق أو للاختصاص أو لهما جميعًا؟
لهما جميعًا فالحمد الكامل المطلق مستحق لله والحمد الكامل المطلق لا يكون إلا لله، فاللام إذن تحمل معنيين الاختصاص والاستحقاق، وليقل له أخوه: يرحمك الله، من أخوه؟