شيئًا يكتب به رقم تليفونك مثلاً لا تحقرنه، لا تحقر شيئًا أبدًا، حتى لو رأيت أنه يحب أن يطلع على شيء مما ينفعه وقد خفي عليه وأخبرته فإن ذلك من الصدقة؛ إذن تحرص على ألا تحقر شيئًا من المعروف، كل معروف فهو صدقة ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وإن لقيت أخاك بوجه عبوس فلا ينبغي لك هذا، اللهم إذا اقتضت المصلحة ذلك لسبب من الأسباب، فلكل مقام مقال.
[الإحسان إلى الجار ولو بالقليل]
١٤٠٥ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا طبخت مرقة، فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك». أخرجهما مسلم.
"إذا طبخت مرقة" وقدرت أنها لاك ولأهل البيت، "فأكثر ماءها" وإن كان إذا كثر ماؤها سوف يقل طعمها، لكن المصلحة التي تترتب على كثرة الماء أنفع لك في الدنيا والآخرة، "تعاهد جيرانك" وظاهر الحديث ولو كانوا أغنياء؛ لأن هذا من باب الصلة، ليس من باب دفع الضرورة بل من باب التواصل.
ففي هذا الحديث دليل على فوائد: منها: أن الإنسان ينبغي له أن يراعي جيرانه بالإحسان إليهم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره».
ومنها: أن خلط الشيء بما يضعف قيمته إذا كان لمصلحة فهو جائر، أما إن كان غشًا فإنه حرام، ولهذا لو كان عندك إناء من لبن إن صببت عليه الماء شرب منه الكثير وإلا لم يشرب منه إلا قليل، فما الأولى؟ الأولى: أن تصب عليه الماء حتى يتسع لعدد أكبر، لكن إذا كان للغش فهو حرام؛ يعني: لو كان يريد بيع هذا اللبن وصب عليه الماء فإنه غش، والغش حرام، ولهذا ورد أن ثلاثا فيهن البركة وذكر منهن خلط البر بالشعير للبيت لا للبيع؛ لأنه إذا كان للبيع ففيه غش.
ومن فوائد الحديث: عناية الإسلام بالجار، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى أن يكون [شريكك] في أكلك إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يكون دائمًا ذا حزم وفطنه لقوله: "وتعاهد"، وهذا التعاقد معناه: أن يكون الإنسان متأملاً في أحوالهم ينظر ماذا يحتاجون فيقضي حاجتهم.
ومن فوائد الحديث: عظم حق الجار، ولنسأل هل الناس الآن ينفذون مثل ذلك؟ قليل جدا جدًا، أكثر الناس تجده متخمًا من الطعام واللحم وكل شيء، وجاره يبيت طاويًا، وهذا لا