قال بعض الذين يؤيدون أن يضع اليدين قبل الركبتين: إن ركبة البعير في يديه.
وجوابنا على هذا أن نقول: صحيح، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، بل قال:"كما يبرك"، والتشبيه هنا للهيئة والكيفية وليس للعضو المسجود عليه، وإذا فسرنا الحديث بذلك صار غير متناقض، وصار أوله وآخره سواء.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينهى الإنسان أن يتشبه بالبهائم في صلاته؛ لأن الإنسان منهي عن التشبه بالهائم حتى في غير الصلاة، فكيف بالصلاة؟ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش السبع"، ونهى أن ينقر الإنسان صلاته نقر الغراب، ونهى أن يرجع الإنسان في هبته، ومثله بالكلب يقيء ثم يعود في قيئه، ووصف الرجل يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة أنه كمثل الحمار، وهلم جرًا، مما يدل على أن الإنسان لا يتشبه بالحيوان؛ لأن الله تعالى قد كرمه وفضله على الحيوان؛ فلا يوعز نفسه إلى أسفل وأوضع.
فإن قال قائل: أرأيتم لو كان الإنسان لا يستطيع أن يقدم ركبتيه إما لألمٍ أو كبرٍ أو ضعفٍ أو مرضٍ أو ما أشبه ذلك فهل يقدم اليدين؟
فالجواب: نعم، يقدم اليدين؛ لأن ذلك هو الممكن في حقه، وقد قال الله- تبارك وتعالى- {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}[البقرة: ٢٨٦]. وقال تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: ١٦]. وأما حديث وائل بن حجر الذي قال المؤلف: إن الحديث الذي قبله أقوى منه؛ يعني: حديث أبي هريرة يقول: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه"، أخرجه الأربعة، لماذا كان أقوى؟ يقال: لأن الأول له شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنه صححه ابن خزيمة، وذكره البخاري معلقًا موقوفًا. هذا الاستدلال لا يحتاج إليه؛ لأن الحديث الأول حديث أبي هريرة يطابق الثاني على حسب التأويل الذي شرحناه، وحينئذٍ لا نحتاج إلى ترجيح.
[صفة وضع اليدين في التشهد]
٢٩٩ - وعن ابن عمر رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد للتشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، واليمنى على اليمنى، وعقد ثلاثًا وخمسين، وأشار بأصبعه السبابة". رواه مسلم.
- وفي روايةٍ له:"وقبض أصابعه كلها، وأشار بالتي تلي الإبهام".
هذا الحديث في بيان وضع اليدين في التشهد يقول: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قعد في التشهد وضع