للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: هذا ينبني على قاعدة مرت في حديث أخرجه البخاري، «من أخذ الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله» في هذا الحديث لم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر عليه. فيستفاد منه: أنه إذا لم يطلب الغرماء الحجر، فإنه لا يحجر عليه، ولكن يتولى الإمام أو الحاكم بيع ماله وقسمه بين الغرماء بدون حجر.

[الحجر]

٨٣٠ - وعن ابن كعب بن مالك، عن أبيه رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ ماله، وباعه في دين كان عليه» رواه الدارقطني، وصححه الحاكم، وأخرجه أبو داود مرسلا ورجح إرساله.

كعب بن مالك رضي الله عنه هو أحد الثلاثة الذين خلفوا يعني: تخلفوا عن غزوة تبوك، وخلفوا في الحكم عليهم، لا أن المعنى خلفوا عن الغزوة، بل أنهم خلفوا، يعني: أرجئ أمرهم حتى يقضي الله فيهم كما هو مصرح به في حديث الثلاثة، وقوله: «حجر على معاذ» هو ابن جبل رضي الله عنه، وكان عليه دين وماله لا يفي بما عليه فحجر عليه، «ماله» يعني: أنه منعه من التصرف فيه؛ لأن الحجر بمعنى: المنع، «وباعه» أي: النبي صلى الله عليه وسلم «في دين كان عليه».

ففي هذا الحديث الحجر على الإنسان في ماله وبيعه بغير رضاه، ووجه الدلالة: أن ذلك وقع من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن متى يكون الحجر؟ نقول: المدين له أربع حالات: إما أن يكون ماله أكثر من دينه، أو يكون دينه أكثر من مله، أو يتساوى دينه وماله أو لا يكون عنده مال أصلاً، إذا لم يكن عنده مال حرم التعرض له ولا يجوز طلبه ولا مطالبته، ولا حسبه بل يجب تركه، ودليل ذلك قوله تعالى: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} [البقرة: ٢٨٠] إذا كان ماله أكثر من دينه فإن لا يحجر عليه أيضاً، ولكن «لي الواجد يحل عرضه وعقوبته» يعني: أننا نعاقبه حتى يوفي نأمر بالوفاء، فإن أبي حبسناه، فإن أبي ضربناه حتى يوفي، فإن أبي بالكلية أوفينا من ماله قهراً عليه بدون حجر، الحال الثالثة: أن يكون ماله ودينه سواء، فهذا أيضا لا يحجر عليه ولكن يؤمر أولاً بالوفاء فإن أبي حبس، فإن أبي ضرب، فإن أبي بيع، الحالة الرابعة: أن يكون دينه أكثر من ماله، يعني: عنده مال لكن الدين أكثر من المال، فماله عشرة ودينه عشرون، هذا لا يترك ولا يحبس ولا يضرب، ولكن يحجر عليه؛ أي: أننا نمنعه من التصرف في ماله، ويتولى الحاكم الشرعي بيع ماله ويفرقه على الغرماء كل بقدر دينه بالقسط، وفي هذه الحال بأي شيء نبدأ؟ نبدأ أولاً بالرهن، فإذا كان لأحد رهن في المال فهو أحق به، ثم بمن وجد عين ماله، وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>