يكون هذا الظاهر مُقَدَّم على الأصل الذي هو عدم التأثيم. إذن يحرم على المرأة أن تصوم وزوجها شاهد.
و"الزوج" معروف هو الذي تم العقد بينه وبين المرأة على الوجه الشرعي، وقوله:"إلا بإذنه"، الإذن بمعنى: الرخصة والإرادة يعني: إلا بإرادته، العلة في ذلك؟ لأن للزوج عليها حقًا وهو الاستمتاع، وإذا كانت صائمة فإن صيامها يمنعه من استمتاعه بها إلا على وجه فيه إحراج له، والإحراج هو أنه سيكون مترددًا بين أمرين: إن استمتع بها أفسد صومها، وإن تركها ونفسه تطلب ذلك وقع أيضًا في حرج، فلهذا لا يجوز أن تصومك نفلًا إلا بإذنه.
وأما رواية أبي داود يقول:"غير رمضان"، فأما رمضان فيجوز أن تصومه ولو كان زوجها شاهدًا ولو لم يأذن، وهذا مع ضيق الوقت- وقت القضاء- واضح، يعني: مثلًا لو لم يبق من شعبان إلا مقدار ما لعيها من رمضان فلها أن تصوم وإن كان زوجها شاهدًا وإن منعها، ولكن إذا كان في الوقت سعة بأن يكون قد بقي من شعبان أكثر مما عليها مثل أن تريد صوم القضاء في جُمادي، فهل لها أن تفعل ذلك بلا إذنه؟ إن نظرنا إلى الحديث "غير رمضان" قلنا: الظاهر أن لها ذلك ما لم ينهها، وحينئذٍ تكون المراتب ثلاثًا:
أولًا: النفل فلا تصوم حتى يأذن.
ثانيًا: القضاء إذا بقي من شعبان بمقدار ما عليها فهذه تصوم وإن منع؟
ثالثًا: القضاء مع سعة الوقت فهذه تصوم ما لم يمنع؛ لأن هذه فريضة، وظاهر الحديث: العموم، لكن الفرق بينه وبين الفرض الضيق: أن الضَّيِّق وإن منع فإنها تصوم، والفرق بينه وبين النفل، أن النفل لا تصوم إلا بإذنه، أما هذا فإنها تصوم بدون استئذان ما لم يمنعها ويقول لها: إن الوقت أمامك واسع، ولهذا كانت عائشة رضي الله عنها لا تصوم القضاء عليها إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم منها.
في هذا الحديث عدة فوائد الأولى: أن حق الزوج على الزوجة أعظم من حقها عليه، وجهه: أنها مُنعت من الصوم إلا بإذنه، وأما الزوج فله أن يصوم بدون إذنها، ويدل لهذه الفائدة قوله تعالى:{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة}[البقرة: ٢٢٨]. ولو تساوى الرجل والمرأة في هذا لم يكن له عليها درجة.