للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان لا يجوز أن تصوم وهو شاهد مع أنها في الصوم أمامه يتمتع منها بالنظر واللمس والتقبيل وما أشبه ذلك وقضاء حاجاته، فمن باب أولى في السفر، فإن سافرت فهل يسقط حقها من النفقة أو لا؟ إن كان بغير إذنه فلا شك أن حقها من النفقة يسقط مع الإثم وعلى المذهب أيضًا لا تترخص برُخص السفر كالقصر والفطر في رمضان؛ لأن السفر سفر معصية إذا سافرت بإذنه فهل تسقط النفقة عنه؟ فعلى المذهب إن كانت الحاجة له لم تسقط، وإن كانت لها سقطت، والصحيح أنها لا تسقط ولو كانت الحاجة لها ما دامت سافرت بإذنه؛ لأنه هو الذي أذن لها والحق له وقد أسقطه وحقها لم يسقط.

ومن فوائد الحديث: هل نقول: فيه دليل على أن المرأة لا تصلي تطوعًا وزوجها حاضر إلا بإذنه؟

الظاهر: أنها ليس كالصوم؛ لأن الصوم مدته طويلة والصلاة غير طويلة، لكن مع ذلك نقول مثلًا: له أن يحللها من الصلاة، يعني: لو أرادها فله أن يقول: "اقطعي الصلاة" إلا إذا كان قد أذن.

ومن فوائد الحديث: جواز صوم المرأة بلا إذن زوجها إذا كان غائبًا لقوله: "وزوجها شاهد"، فإنما يدل على أنه إذا كان غائبًا فلا بأس، وظاهر الحديث لا بأس، وظاهر الحديث لا بأس وإن منعها، فإذا كان الغرض يتعلق به فله أن يمنعها مثل لو قال: أنا أمنعها شفقة عليها، لا من أجل مصلحتي أنا، ولا من أجل أنها تنقص بالصوم وما أشبه ذلك، فالظاهر: أنه لا يمنعها، وأن لها أن تصوم ما دام غائبًا؛ لأنه هنا ليس له مصلحة.

ومن فوائد الحديث: أنه لو كان الزوج غير عاقل فلها أن تصوم ولو كان شاهدًا، من أين يؤخذ؟ ألا نقول: إنه إذا كان مجنونًا فلا تصوم مطلقًا؛ لأننا لا نعلم أنه أذن أم لم يأذن وهو ممن لا إذن له.

وعلى هذا فنقول: صوم التطوع لا مرأة المجنون لا يمكن من رمضان إلى رمضان، يعني: النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إلا بإذنه"، فإذا كان هذا مجنونًا ليس له إذن فإن إذنه متعذر وإذا تعذر الإذن الذي وقف الصيام عليه يتعذر الصوم، لأن "تعذر الشرط يستلزم تعذر المشروط" هذا هو ظاهر الأمر، ولكن قد يقول قائل: إن في هذا إضرارًا عليها، وقول الرسول: "إلا بإذنه" يدل على أن المراد بذلك: الزوج العاقل الذي له إرادة وتصرف، أما المجنون فلا يدخل في هذا، ولكن المجنون لو أرادها وهي صائمة وجب عليها التمكين من نفسها، وإلا فلها أن تصوم؛ لأنه لا يشعر أنها صائمة أو غير صائمة، كأن قائلًا يقول: لِمَ تبقى تحت المجنون؟ نقول: إذا أرادت أن تبقى قد يكون المجنون مجنونًا بدون حاجة، وقد يكون مهذريًّا، يكون كبير السن وقد يعتريه

<<  <  ج: ص:  >  >>