للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء من المحدثين والفقهاء يستدلون بحديثه كما نقل ذلك البخاري (رحمة الله) والعلة التي أعل بها نفاها أهل العلم من أهل التحقيق، وما أكثر ما يستدل الفقهاء بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، حتى إن بعض المحدثين قالوا: إن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كحديث مالك عن نافع عن ابن عمر، يعني: أنه من أصح الأسانيد، لكن الصحيح أنه لا يبلغ إلى هذا الحد وليس بالضعيف كما ذكره بعضهم، يقول الترمذي: حديث ابن عباس السابق أجود إسناداً، وفيه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ردها ولم يحدث نكاحاً، ولكن يقول: العمل على حديث عمرو بن شعيب، يعني: العمل عند العلماء، لأن هذا قول الجمهور أنها لا ترد على زوجها إذا أسلم بعد انقضاء العدة إلا بعقد جديد. خلاصة ما في هذا البحث: أولاً: إذا أسلمت المرأة قبل الزوج فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح وإن كان بعده انتظرنا حتى تنتهي العدة، فإن أسلم قبل انتهاء العدة فهي زوجته تبقى معه، وإن أسلم بعدها لم تحل له إلا بعقد جديد على رأي جمهور العلماء، وعلى الرأي الثاني تخير بين أن تبقى على نكاحها الأول أو تنكحه بعقد جديد هذا إذا أسلمت المرأة، أما إذا أسلم الزوج فإننا ننظر إذا كانت الزوجة كتابية فهما على نكاحهما؛ لأن الزوج المسلم يجوز له ابتداء أن يتزوج كتابية، وإن كانت غير كتابية فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح وإن كان بعده ننتظر حتى تنتهي العدة، فإن انتهت انفسخ النكاح، وإن أسلمت الزوجة قبل انتهاء العدة فهي زوجته. يستفاد من هذين الحديثين: أن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها فإن لها أن ترجع إليه ولو بعد العدة على حديث ابن عباس بلا عقد وعلى حديث عمرو بن شعيب لا ترجع إلا بعقد. فإن قال قائل: لماذا لا نسلك طريق الترجيح ونقول: إن حديث عمرو بن شعيب دل على إحداث عقد فهو مثبت والأول نافٍ؟ والقاعدة إذا تعارض مثبت ونافٍ تقدم المثبت على النافي؛ لأن معه زيادة علم. نقول في الجواب على هذا التعارض: لابد فيه من التكافؤ، وإذا كان حديث ابن عباس أجود إسناداً فلا تعارض؛ لأن الأجود إسناداً مقدم، ولهذا ذكرت لكم أنه اختاره شيخ الإسلام وابن القيم.

[من أسلم وهو أحق بزوجته]

٩٦٦ - وعن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: «أسلمت امرأة فتزوجت، فجاء زوجها، فقال: يا رسول الله، إني كنت أسلمت، وعلمت بإسلامي، فانتزعها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من زوجها الآخر، وردها إلى زوجها الأول». رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. وصححه ابن حبان، والحاكم. هذا له علاقة بالحديثين السابقين، وهو أن هذه المرأة أسلمت فأسلم زوجها وعلمت

<<  <  ج: ص:  >  >>