للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبإحدى عشرة، إذا أوتر بثلاث فله الخيار بين: أن يصلي ركعتين ويسلم ثم يصلي الثالثة، أو أن يصلي الركعات الثلاث كلها بسلام واحد وتشهد واحد، فيكون سردًا بتشهد واحد لئلا يشبهها بصلاة المغرب، وإذا أوتر بخمس فإنه لا يجلس إلا في آخرهن يسردهن سردًا، كما كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يفعل، وكما روته عنه عائشة (رضي الله عنها)، وإذا أوتر بسبع فإنه يسردهن سردًا أيضًا، فلا يجلس إلا في آخرهن كما روت ذلك أم سلمة (رضي الله عنها) وإذا أوتر بتسع فإنه يسرد ثمانيًا ويجلس ويتشهد التشهد الأول ثم يقوم ويصلي التاسعة ويتشهد الأخير ثم يسلم، وإذا أوتر بإحدى عشرة فإنه يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة كما وصف ذلك ابن عباس (رضي الله عنه) لصلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) حين نام عنده، فإنه ذكر أنه صلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم واحدة، فهذه صفات الوتر الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأي صفة فعلت الوتر أجزاك ذلك، ولكن هذا على حسب نشاطك وقوتك.

وأما قولها في الحديث الثاني: "من كل الليل قد أوتر النبي (صلى الله عليه وسلم): من أوله وأوسطه وآخره، وانتهى وتره إلى السحر"، فالمعنى: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يوتر من أول الليل أحيانًا، ومن وسطه أحيانًا، ومن آخره إلى السحر أحيانًا حسب نشاطه (صلى الله عليه وسلم)، لكن الغالب آخر الليل، وفي قولها: "انتهى وتره إلى السحر" دليل على أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ما يستمر في الوتر إلى طلوع الفجر، بل إلى السحر؛ لأن الغالب أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ينام قبل الفجر، كما في صحيح البخاري أنها قالت معنى الحديث: أنك ما ألفيته سحرًا إلا نائمًا، يعني: أنه (صلى الله عليه وسلم) ينام قبل الفجر في السحر في آخر الليل، وهذا يوافق الحديث الثابت في الصحيحين: "أفضل القيام قيان داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه"، أما وقت الوتر المحدد الواجب فهو إلى طلوع الفجر كما سبق.

[الحث على قيام الليل والوتر]

٣٦١ - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "يا عبد الله، لا تكن مثل فلانٍ، كان يقوم من الليل، فترك قيام الليل". متفق عليه.

حديث عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) نهاه الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يكون مثل شخص لم يعين، وهذا إما أم يكون مبهمًا في كلام الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويمكن أن يكون مبهمًا في كلام عبد الله بن عمرو؛ يعني: يمكن أن يكون الرسول عينه لا تكن مثل فلان وسماه، وابن عمرو كتمه سترًا عليه، ويحتمل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>