بالتمييز وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله, وعنه رواية أخرى: أنها تعمل بالتمييز حتى ولو كانت معتادة, يعني: فيرجع إلى التمييز مطلقًا, إذن مذهب الشافعي ورواية عن أحمد أن المستحاضة تعمل بالتمييز سواء كانت معتادة أو غير معتادة, يعني: سواء سبق لها الحيض المعتاد أو لا, وعللوا ذلك بأن هذا الحديث مطلق ما فيه أن فاطمة كانت معتادة أو غير معتادة, وعللوا أيضًا بأنه لعلها اختلفت عادتها لما استحيضت, يعني: قد تكون عادتها ستة أيام أو سبعة في أول الشهر, ولما استحيضت صار الدم المتميز خمسة أيام في وسط الشهر فتغير في العدد وتغير في المكان فقالوا: ربما يكون تغيره بسبب الاستحاضة.
ويظهر أثر الخلاف في امرأة معتادة تحيض ستة أيام من أول كل شهر, هذه عادتها ثم طرأت عليه الاستحاضة, وكان لها تمييز خمسة أيام في آخر الشهر فهنا تعارض عندنا عادة وتمييز, فمن العلماء من قال: نقدم التمييز وهو رواية عن الإمام أحمد, ومذهب الشافعي, ومنهم من قال: نقدم العادة لما سيأتي - إن شاء الله - في الأحاديث.
أما الأولون فعللوا ذلك بأنه ربما يختلف محل الحيض بسبب الاستحاضة, ربما يكون الحيض فيما سبق من أول الشهر, والآن تأخر إلى آخر الشهر لوجود هذا المرض, وهو الاستحاضة.
وأما الذين قالوا: تغلب العادة فقالوا: إن هذا مقتضى الحديث الآتي إن شاء الله وقالوا: إن هذا أضبط وأريح للمرأة أن يقال: اجلسي عادتك وما زاد على ذلك فهو استحاضة, سواء كان أسود أو غير أسود, ولا شك أن هذا أريح للمعتادة, أما المبتدأة فنعم التمييز لابد من العمل به.
[علامة المستحاضة]
١٣١ - وفي حديث أسماء بنت عميس عند أبي داود: «ولتجلس في مركنٍ, فإذا رأت صفرةً فوق الماء, فلتغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا, وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا, وتغتسل للفجر غسلًا واحدًا, وتتوضأ فيما بين ذلك».
يعني بذلك: المستحاضة إذا استحيضت تجلس في مركن, يعني: طستا كبيرًا واسعًا, فإذا رأت أثر الدم - يعني: الصفرة - فوق الماء فإنها تكون مستحاضة فتغتسل ثلاث مرات في اليوم والليلة, الغسل الأول: للظهر والعصر, والثاني: للمغرب والعشاء, والثالث: للفجر, وفي هذا الحديث دليل على أن المستحاضة تجمع بين الظهر والعصر, وبين المغرب والعشاء, ولكن هذا على سبيل الاستحباب إذا طلبنا منها أن تغتسل, أما إذا لم نطلب أن تغتسل فإن لها أن تجمع لمشقة الوضوء ولها ألا تجمع, لكننا نأمرها بالجمع إذا أمرناها بالاغتسال.