وقد قال:"أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". فهو -عليه الصلاة والسلام- يصلي في بيته ما عدا المكتوبة وما تشرع له الجماعة، فقولنا:"وما تشرع له الجماعة" نعني بذلك: صلاة الكسوف على القول بأنها سنة، وقيام رمضان، فإنه صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ثلاث ليال وتخلف في الرابعة خوفا من أن تفرض علينا.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز النحنحة في الصلاة سواء بان حرفان أو لم يبن؛ لأن الحديث مطلق فلم يقيد بحرف ولا حرفين.
ومنها: أنه ينبغي للإنسان إذا استؤذن عليه وهو يصلي أن يبين حاله للمستأذن، حتى يكون على بصيرة، وإلا فمن الجائز أن يسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى ينهي الصلاة ثم يأذن له لكن هذا لا ينبغي، بل الذي ينبغي أن تبين لأخيك أنك في صلاة.
ومنها: تحريم الكلام في الصلاة، وجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم عدل عنه إلى التنحنح، ومعلوم أن التنحنح في الإجابة أدنى مقابلة من الكلام؛ لأن من تقابله الكلام أعلى ممن تقابله بالنحنحة، يظهر ذلك لو أن أحدا خاطبني منكم فتنحنحت له، وآخر خاطبني وخاطبته بالكلام، فالمرتبة الثانية أعلى من الأولى، فلو كان الكلام جائزا في الصلاة لكان أحسن الناس خلقا محمدا صلى الله عليه وسلم يتكلم.
فإن قال قائل: وهل يجوز أن ننبه الإنسان لغير النحنحة؟
فالجواب: نعم، يسبح، أو يرفع صوته بالقراءة أو بالذكر حسب ما يقول؛ لأن المقصود التنبيه الداخل على أن هذا الإنسان في صلاة، لو كان تليفون ينبه وهو جنبك هل لك أن ترفعه وتقول: انتظر فإني أصلي؟ لا، إذن ماذا تصنع؟ إما أن أتركه وأنا معذور لا شك، وإما أن أرفعه وأتنحنح، أما أن أقول: أنا أصلي أو ما أشبه ذلك بناء على أنه قد لا يفهم فلا.
[حكم الحركة في الصلاة وضوابطها]
٢١٦ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"قلت لبلال: كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا، وبسك كفه". أخرجه أبو داود، والترمذي وصححه.
هذا شبيه بما سبق، ابن عمر رضي الله عنه من فقهاء الصحابة، ومن عباد الصحابة، ومن أشد الصحابة