بكاء الرسول - عليه الصلاة والسلام- أعلى من أزيز القدر، أليس كذلك؟ لكن شبه به للتقريب، ونظيره قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر". وكذلك في حديث الوحي كأنه سلسلة على صفوان. فهذه الأمثلة التقريبية لا تستلزم بأي حال من الأحوال التماثل بين المشبه والمشبه به فكل له حكمه.
٢١٥ - وعن علي رضي الله عنه قال:"كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخلان، فكنت إذا أتيته وهو يصلي تنحنح لي". رواه النسائي، وابن ماجه.
علي بن أبي طالب رضي الله عنه من آل البيت وهو أشرف آل البيت، وهو صهر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه تزوج ابنته فاطمة سيدة نساء أهل الجنة أفضل بنات النبي - عليه الصلاة والسلام-، تزوجها أفضل آل النبي صلى الله عليه وسلم سوى النبي صلى الله عليه وسلم، وعثمان رضي الله عنه تزوج بنتي الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا يسمى ذا النورين، وأبو بكر تزوج ابنته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكروا أن رجلا من الرافضة ورجلا من أهل السنة تنازعوا أيهما أفضل: علي أو أبو بكر؟ فتحاكموا إلى ابن الجوزي رحمه الله فقال لهما - أي للرجلين-: أفضلهما- يعني: علي بن أبي طالب، وأبو بكر- من كانت ابنته تحته. أيهم؟ الضمائر تعود على من؟ فذهب الرجلان يتنازعان في موضع الضمير على من يرجع، لكن الرجل تخلص لا شك وهذا مما يفتح الله به على الإنسان حين المضايقات أن ييسر الله له شيئا يتخلص به وهو حق.
إذن في هذا الحديث يقول:"كان لي مدخلان" كلمة "مدخل" تصلح أن تكون اسم زمان، أو اسم مكان، فهل نقول: إن هذين المدخلين يعني: في النهار وفي الليل، أو من باب وباب آخر؟
الأول: هو المتعين، أي: مدخلان فهما اسما زمان يعني: مدخل بالليل، ومدخل في النهار.
"فكنت إذا أتيته وهو يصلي تنحنح""إذا أتيته" يعني: لأدخل عليه، وكأن في الحديث محذوفا تقديره: فاستأذنته "تنحنح لي" والنحنحة معروفة، يظهر أن لها صوتا، أحيانا يكون الصوت لا تستطيع أن تدرك منه حرفا، وأحيانا لا تستطيع [إذن]"تنحنح لي" يعني: ليبين أنه يصلي.
ففي هذا الحديث فوائد، منها: أن في هذا منقبة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث مكنه الرسول صلى الله عليه وسلم من مدخلين أحدهما في الليل والثاني في النهار.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في بيته وهو كذلك، وكان يصلي في بيته إلا الفريضة،