الحج له فضل عظيم، وله فوائد عظيمة، منها - كما ذكر في - قوله تعالى:{ليشهدوا منفع لهم ويذكروا اسم الله في أيامٍ معلومتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعم}[الحج: ٢٨]. ففيه - بالإضافة إلى كونه عبادة وذكرًا لله عز وجل - منافع للناس منها معرفة الناس بعضهم بعضا، وينبني على التعارف غالبًا التآلف - تأليف القلوب - ومحبة الناس بعضهم بعضًا، كذلك أيضًا التجارة، والتجارة لها شأن كبير، هل الحجَّاج يصدرون الأموال أم يوردونها؟ الاثنان يأتون بأشياء. ويذهبون بأشياء.
فيه أيضًا: فائدة للفقراء فيما ينالهم من الصدقات وعطف الأغنياء عليهم وذبح الهذي، وغير ذلك، ولهذا جاءت الآية الكريمة:{ليشهدوا منفع لهم}. ومنافع من حيث التصريف اللغوي صيغة منتهى الجموع هي أجمع ما يكون من الجموع، ولهذا لو أنكم تدبرون هذه المنافع وتكتبونها لنا يكون هذا طيبا ().
وفيه من المنافع أشياء مثل التذكير بيوم القيامة؛ حيث إنَّ الناس بلباس واحد، وهيئة واحدة، والتذكير بيوم القيامة في مرور الناس أفواجًا يذهبون كلٌّ إلى مقصده، وإذا وقفت على الطرق في يوم عرفة تتذكر المخشر المهم أن فيه فوائد كثيرة.
وقول المؤلف:"وبيان من فرض عليه الحج"، فرضه لا يتم إلا بشروط خمسة: البلوغ، والعقل، والإسلام، والحرية، والاستطاعة، وقد نظمت هذه في بيتين، وهما قول الشاعر:[الرجز]
الحج والعمرة واجبان ... في العمر مرّة بلا توان
بشرط إسلام كذا حرية ... عقل بلوغ قدرة جلية
هذه الشروط سيأتي تقسيمها بعضها للوجوب وبعضها للاستحباب وبعضها للصحة.
٦٧٤ - عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما، والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة"() متَّفقٌ عليه.
قوله:"العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما"، يعني: أن الإنسان إذا اعتمر ثم اعتمر ثانية فإن ما بين العمرتين يقع مكفِّرًا، "كفارة لما بينهما"، "ما" اسم موصول يفيد العموم، فظاهره يشمل الصغائر والكبائر، ولكن قد سبق لنا قريبا أن جمهور أهل العلم يرون أن مثل هذه الأحاديث المطلقة