نعم، للمفاسد العظيمة التي تحصل بالحسد فمنها اعتراض الحاسد على حكمة الله عز وجل لأنك إذا كرهت ما أنعم الله به على غيرك فهذا اعتراض، كأنك تقول: هذا الرجل لا يستحق هذه النعمة، ففيه اعتراض على القدر، كذلك أيضاً الحسد لا يخلو غالباً من البغي على المحسود فنجد الحاسد يبغي على المحسود إما بلسانه أو بفعاله من أجل أن تزول هذه النعمة ومنها أيضاً أن الحاسد دائماً يكون قلياً ضيق الصدر حتى إنه ربما لا يطيب له الأكل ولا النوم وكلما ازدادت نعمة الله على المحسود ازداد نكداً وهمًّا وغمًّا، ومعلوم أن النكد والهم والغم يوجب انقباض النفس وعدم انشراح الصدر بالطاعات وغيرها، حتى إنه ربما يكون يصلي وقلبه يفكر فيما أنعم الله به على المحسود فيقل ثواب الحسنات.
ومنها: أن الحاسد ينحسر أن يسبق المحسود بما أنعم الله به عليه فمثلاً إذا رأى طالب علم قد فضله في العلم تجده يقول: ليس لي حاجة أن أتعب لأنني لن أصل إلى درجة فلان فيتوقف عن الخير بسبب الحسد، وأول من حسد فيما نعلم إبليس، فيكون الحسد إذن من اتباع خطوات الشيطان والتأسي بالشيطان وهذا من مفاسده، وله مفاسد كثيرة لكن هذا الذي يحضرني منها الآن، فالحسد فيه شر كثير.
فإذا قال قائل: الحسد في الواقع غريزة كل إنسان يعرف نعمة الله على أحد يتمنى أن يكون له مثلها.
قلنا: هذا ليس الحسد المذموم هذا الحسد يسمى حسد غبطة ولا بأس به، ولكن احمل نفسك على أن تصل إلى ما وصل إليه هذا الإنسان إن كنت تحسده على علم فاحمل نفسك على طلب العلم حتى تصل إلى ما وصل إليه، إن كنت تحسده على جاه فاحمل نفسك على أن تكون حسن الأخلاق سليم الصدر محسناً إلى الناس باذلاً نفسك لهم وحينئذٍ يكون لك عندهم جاه وهلم جرا، وهذا ليس الحسد المذموم هذا يسمى حسد الغبطة، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:"لا حسد إلا في اثنتين".
[ذم الغضب]
١٤٢١ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". متفقٌ عليه.
"ليس الشديد" يعني: ليس القوي بالذي يصرع الناس، والصرعة في صيغ المبالغة أي كثير الصرع قوي الصرع، مثل: همزة لمزة يعني: كثير الهمز واللمز فالصرعة هو كثير الصرع قوي