وذلك بإباحة قتل النساء والذرية في هذا التبييت، والأصل أن قتل النساء والذرية لا يجوز، لأن النساء والذرية يكونون أرقاء بالسبي وعلى ملك المسلمين ولا يجوز إتلاف أموال المسلمين لكن هذا للحاجة ولكون ذلك تبعًا لا استقلالاً.
ومن فوائد الحديث: أن من كان مجتمعًا مع قوم فإنه يكون منهم، أي: له حكمهم ولهذا جاء التحذير من مجامعة المشرك والسكن معه فإن ذلك يؤدي إلى الاختلاط به وإلى الارتباط بدينه وأخلاقه وبالتالي يكون الإنسان من هؤلاء المشركين الذين جامعهم.
واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن الذرية يتبعون آباءهم فيحكم عليهم بالشرك إذا كان آباؤهم مشركين لعموم قوله:"هم منهم" ولا شك أن المولود يولد على الفطرة لكن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال "أبواه يهودانه أو ينصرانه أو بمجسانه" فيحكم على أولاد المشركين بأنهم منهم في أحكام الدنيا أما الآخرة فالصحيح أنهم يمتحنون فيما بما يريد الله (عز وجل) من التكليف في الآخرة ثم من أطاع منهم دخل الجنة ومن عصا دخل النار هذا ما لم يبلغ فإن بلغ فهو مستقل بنفسه يسلم أو يكفر يكون مستقلاً.
[لا يستعان بمشرك في الحرب]
١٢٢٢ - وعن عائشة رضي الله عنها:"أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لرجل تبعه في يوم بدر: أرجع، فلن استعين بمشرك"، رواه مسلم.
قوله:"قال لرجل تبعه في يوم بدر" يوم بدر أولاً ما هو؟ فيقال: هو مكان بين مكة والمدينة وهو معروف على الطريق الأول لسالك طريق السيارات ولا يزال موجودًا إلى الآن قرية معروفة، ويوم بدر كان في سبعة عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة وسبب هذه الغزوة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بلغه أن أبا سفيان قد أقبل إلى مكة ومعه عير لقريش محملة من الشام فخرج (صلى الله عليه وسلم) إلى هذه العير ليأخذها، لأن قريشًا حربيون، والحربي يجوز أخذ ماله، لأن حربي كما يجوز قتله فعلم بذلك أبو سفيان فعدل عن الطريق الأصلى وسار من عند سيف البحر وأرسل إلى قريش يستنجدهم فخرجت قريش بكبرائها وزعمائهم وحدها وحديدها خرجوا كما وصفهم الله بقوله:{بطرًا ورثاء الناس ويصدون عن سبيل الله}[الأنفال: ٤٧] وجمع الله تعالى بينهم وبين النبي (صلى الله عليه وسلم) على غير ميعاد وكانو نحو تسعمائة رجل والنبي (صلى الله عليه وسلم) ومن معه كانوا ثلاثمائة وبضعه عشر رجلاً، وليس معهم إلا سبعون بعيرًا وفرسان يتعاقبون عليهم جمع الله بينهم كما وصفهم الله وهم عزل ليس معهم سلاح ولا استعداد، ولكن الله -سبحانه وتعالى-